للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والشّكّ ضرب من الجهل، وهو أخصّ منه، لأنّ الجهل قد يكون عدم العلم بالنّقيضين رأسا. وكلّ شكّ جهل، وليس كلّ جهل شكّا.

وأصله من شككت الشيء. إذا خرقته، قال عنترة:

وشككت بالرّمح الأصمّ لهاته ... ليس الكريم على القنا بمحرّم

وكأنّ الشّكّ الخرق في الشّيء، وكونه بحيث لا يجد الرّأي مستقرّا يثبت فيه ويعتمد عليه. ويجوز أن يكون مستعارا من الشّكّ وهو لصوق العضد بالجنب، وذلك أن يتلاصق النّقيضان فلا مدخل للفهم والرّأي ليتخلّل ما بينهما، ويشهد لهذا قولهم: التبس الأمر واختلط وأشكل. ونحو ذلك من الاستعارات «١» .

[الشك اصطلاحا:]

قال الجرجانيّ: الشّكّ: هو التّردّد بين النّقيضين لا ترجيح لاحدهما على الآخر عند الشّاكّ.

وقيل: الشّكّ ما استوى طرفاه، وهو الوقوف بين الشّيئين لا يميل القلب إلى أحدهما، فإذا ترجّح أحدهما، ولم يطرح الآخر فهو ظنّ، فإذا طرحه، فهو غالب الظّنّ، وهو بمنزلة اليقين «٢»

وقيل: الشّكّ اعتدال النّقيضين عند الإنسان وتساويهما، وذلك قد يكون لوجود أمارتين متساويتين عند النّقيضين. أو لعدم الأمارة فيهما «٣» .

وقال المناويّ: الشّكّ: الوقوف بين النّقيضين، وقيل: هو الوقوف بين المعنى ونقيضه، وضدّه:

الاعتقاد «٤» .

وقال الكفويّ: وقال بعضهم: الشّكّ ما استوى فيه اعتقادان أو لم يستويا، ولكن لم ينته أحدهما إلى درجة الظّهور الّذي يبني عليه العاقل الأمور المعتبرة.

والشّكّ كما يطلق على ما لا يترجّح أحد طرفيه، يطلق أيضا على مطلق التّردّد، وعلى ما يقابل العلم «٥» .

[للاستزادة: انظر صفات: سوء الظن- القلق- الوسوسة- الوهم- الغفلة- التفريط والإفراط- الضلال.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: اليقين- الثبات- السكينة- الطمأنينة- العلم- الفقه- الفطنة- الإيمان- حسن الظن] .


(١) المفردات للراغب (٢٧٢) والتوقيف للمناوي (٢٠٧) ، بصائر ذوي التمييز (٣/ ٣٣٢) .
(٢) التعريفات (١٢٨) .
(٣) المفردات (٢٧٢) ، وانظر الكليات للكفوي (٥٢٨) .
(٤) التوقيف على مهمات التعاريف (٢٠٧) .
(٥) الكليات (٥٢٨) .