للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمر: وافقت الله في ثلاث- أو وافقني ربّي في ثلاث- قلت: يا رسول الله! لو اتّخذت مقام إبراهيم مصلّى، وقلت: يا رسول الله! يدخل عليك البرّ والفاجر، فلو أمرت أمّهات المؤمنين بالحجاب. فأنزل الله آية الحجاب، قال: وبلغني معاتبة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعض نسائه، فدخلت عليهنّ قلت: إن انتهيتنّ أو ليبدّلنّ الله رسوله خيرا منكنّ، حتّى أتيت إحدى نسائه، قالت: يا عمر! أما في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما يعظ نساءه حتّى تعظهنّ أنت؟ فأنزل الله: عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ الآية) * «١» .

[الأحاديث الواردة في (المعاتبة) معنى]

١١-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: صنع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم شيئا فرخّص فيه، فتنزّه عنه قوم «٢» فبلغ ذلك النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فخطب فحمد الله، ثمّ قال: «ما بال أقوام «٣» يتنزّهون عن الشّيء أصنعه، فو الله إنّي لأعلمهم بالله وأشدّهم له خشية» ) * «٤» .

١٢-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: لم يكن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سبّابا ولا فحّاشا ولا لعّانا، كان يقول لأحدنا عند المعتبة «٥» : «ما له ترب جبينه «٦» » ) * «٧» .


(١) البخاري- الفتح ٨ (٤٤٨٣) .
(٢) فتنزه عنه قوم: أي تباعد عنه قوم.
(٣) ما بال أقوام: في رواية جرير ما بال رجال قال ابن بطال: هذا لا ينافي الترجمة، لأن المراد بها المواجهة مع التعيين كأن يقول ما بالك يا فلان تفعل كذا، وما بال فلان يفعل كذا. فأما مع الإبهام فلم تحصل المواجهة وإن كانت صورتها موجودة وهي مخاطبة من فعل ذلك، لكنه لما كان جملة المخاطبين ولم يميز عنهم صار كأنه لم يخاطب.
(٤) البخاري- الفتح ١٠ (٦١٠١) واللفظ له مسلم (٢٣٥٦) وترجم له البخاري في باب من لم يواجه الناس بالعتاب
(٥) كان يقول لأحدنا عند المعتبة: بفتح الميم وسكون المهملة وكسر المثناة الفوقية- ويجوز فتحها- بعدها موحدة وهي مصدر عتب عليه يعتب عتبا وعتابا ومعتبة ومعاتبة، قال الخليل: العتاب مخاطبة الإدلال ومذاكرة الموجدة.
(٦) ما له ترب جبينه: قال الخطابي: يحتمل أن يكون المعنى خر لوجهه فأصاب التراب جبينه ويحتمل أن يكون دعاء له بالعبادة كأن يصلي فيترب جبينه، والأول أشبه لأن الجبين لا يصلى عليه، قال ثعلب: الجبينان يكتنفان الجبهة ومنه قوله تعالى: وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ أي ألقاه على جبينه، قلت: وأيضا فالثاني بعيد جدّا، لأن هذه الكلمة استعملها العرب قبل أن يعرفوا وضع الجبهة بالأرض في الصلاة وقال الداودي: قوله ترب جبينه كلمة تقولها العرب جرت على ألسنتهم، وهي من التراب، أي سقط جبينه للأرض، وهو كقولهم رغم أنفه، ولكن لا يراد معنى قوله ترب جبينه، بل هو نظير قوله تربت يمينك، أي أنها كلمة تجري على اللسان ولا يراد حقيقتها.
(٧) البخاري- الفتح ١٠ (٦٠٣١) .