للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التخلف (القعود) عن الجهاد]

[التخلف لغة:]

التخلّف مصدر قولهم: تخلّف عن الشّيء يتخلّف، وهو مأخوذ من مادّة (خ ل ف) الّتي تدلّ على الخلف الّذي هو خلاف قدّام أي التأخّر الّذي هو نقيض التّقدّم، يقول ابن فارس:

الخاء واللّام والفاء أصول ثلاثة: أحدها أن يجيء شيء بعد شيء يقوم مقامه، والثّاني: خلاف قدّام، والثّالث: التغيّر، يقال من المعنى الأوّل: هو خلف صدق من أبيه، وخلف سوء من أبيه. فإذا لم يذكروا صدقا ولا سوءا، قالوا للجيّد خلف وللرّديء خلف، قال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ (مريم/ ٥٩) وسمّيت الخلافة بذلك لأنّ الثّاني يجيء بعد الأوّل قائما مقامه، وتقول: قعدت خلاف فلان أي بعده، والخوالف في قوله تعالى: رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ (التوبة/ ٨٧) هنّ النّساء؛ لأنّ الرّجال يغيبون في حروبهم وغاراتهم وهنّ يخلفنهم في البيوت والمنازل وقيل: الخالفة: عمود الخيمة المتأخّر، ويكنى بها عن المرأة لتخلّفها عن المرتحلين، وجمعها: خوالف، ويقولون في الدّعاء: خلف الله عليك أي كان الله تعالى

الآيات/ الأحاديث/ الآثار

٩/ ١٠/ ٨

الخليفة عليك لما فقدت من أب أو حميم، وأخلف الله لك: أي عوّضك من الشّيء الذّاهب ما يكون يقوم بعده ويخلفه، ويقال من المعنى الثّاني (وهو خلف ضدّ قدّام) : هذا خلفي وهذا قدّامي، ومن المعنى الثّالث قولهم: خلف فوه إذا تغيّر. وقال الرّاغب: ويقال:

خلّفته: تركته خلفي، قال تعالى: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ (التوبة/ ٨١) أي مخالفين. وقال القرطبيّ: المخلّف: المتروك، أي خلّفهم الله وثبّطهم أو خلّفهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنون لمّا علموا تثاقلهم عن الجهاد، وكان هذا في غزوة تبوك، والخلاف: المخالفة، ومن قرأ خلف رسول الله: أراد التّأخّر عن الجهاد «١» ، والخالف كالمتخلّف: المتأخّر لنقصان أو قصور، قال تعالى: فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ (التوبة/ ٨٣) قال ابن عبّاس: الخالفون: من تخلّف من المنافقين، وقال الحسن: من النّساء والضّعفاء من الرّجال (فغلّب المذكّر) وقيل: المعنى فاقعدوا مع الفاسدين من قولهم: فلان خالفة أهل بيته إذا كان فاسدا فيهم من خلوف فم الصّائم «٢» ، والخلف: القرن بعد القرن، والخلف: الرّديء من القول، والخلف


(١) تفسير القرطبي (٨/ ١٣٧) .
(٢) المصدر السابق (٨/ ١٣٨) وهذا راجع إلى المعنى الثالث الذي ذكره ابن فارس.