للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعموم القول هنا، أن الإلزام الخلقي في الإسلام يستند إلى ما قرره الإسلام عن طبيعة الإنسان من حيث كونه حرّا مختارا وهدى إلى طريقي الفضيلة والرذيلة، ففي الإنسان من حيث كونه فاعلا، عنصر أخلاقي بالمعنى الحق، وفي الأمر الخلقي عنصر آخر هو العقل والحرية، والمشروعية، وتلكم هي العوامل الأساسية في الالتزام الخلقي، ولذا كان القرآن يقف موقفا دافعا أمام عدوين خطيرين للأخلاق الإسلامية، أولهما: اتباع الهوى دون تفكير، والثاني: الانقياد الأعمى دون تمييز.

إذن فالإلزام الخلقي يقوم على مصدرين أساسيين أولهما: النور الفطري، والثاني: النور الشرعي. والأمر اختيار حر دنيوي ليس مفروضا علويا، ويرجع إلى استخدامنا الحسن أو السيء لملكاتنا وقدراتنا وهي ملكات يزكي تثقيفها النفس، كما يدسيها ويطمسها إهمالها «١» .

[ثانيا: المسئولية الخلقية:]

كل مسئولية تفترض الإلزام سلفا ويتبعه جزاء، وقد رأينا أن الإنسان مكلف، والأخلاق الإسلامية قائمة على التكليف، ويعني هذا أن الأخلاق الإسلامية قائمة على المسئولية التي تلزم الإنسان بالعمل الخلقي، وتعني المسئولية «تحمل الشخص نتيجة التزاماته وقراراته واختياراته العملية من الناحية الإيجابية والسلبية أمام الله» «٢» .

وتقوم المسئولية على الحرية، ولا يكلف بها مجنون، وتسقط عن صاحب الإرادة المسلوبة، ويشترط في المسئولية الكاملة أن يكون هناك نص ثابت يأمر بالفعل أو بالترك، وأن يكون المسئول كامل الأهلية، ومعنى هذا أن المسئولية الخلقية تقوم على مبدأ الالتزام الخلقي «٣» .

وقد ثبت أن الإنسان لديه أهلية للقيام بهذه المسئولية، والقيام بها شرف للإنسان، وعلى هذا نجد أنفسنا أمام أنواع من السلطة التي تحدد المسئولية، وهي:

١- سلطة داخلية، أي إلزام الفرد نفسه بإرادة وقصد وتصميم، وهناك العزم على فعل شيء وهذا كاف لتحمل مسئولياته إن خيرا فخير وإن شرّا فشر.

٢- سلطة خارجية، أي إلزام من خارج النفس، كأن يتلقى المسئولية من أناس آخرين، أو من سلطة أعلى.


(١) المرجع السابق، ص ٢٩.
(٢) مقداد يالجن: التربية الأخلاقية الإسلامية، ط ١، القاهرة، مكتبة الخانجى، ١٣٩٧ هـ/ ١٩٧٧ م، ص ٣٣١ (بتصرف) .
(٣) راجع: عبد المنعم الحفني: المعجم الفلسفي، القاهرة، الدار الشرفية، ١٤١٠ هـ/ ١٩٩٠ م ص ٣١٩، ٣٢٠.