الفرق بينه وبين الملحد الّذي يعتبر أيضا- من زمرة الكفرة على ما دلّ قول حافظ الدّين الكرديّ في فتاواه:
لو قال أنا ملحد يكفر فيما أنّ الاعتراف بنبوّته صلّى الله عليه وسلّم معتبر في الزّنديق دون الملحد وإن لم يكن عدم الاعتراف دون الملحد وإن لم يكن بالعدم أيضا معتبرا فيه. وبهذا أي بعدم اعتبار القول بعدم الصّانع المختار في الملحد يفارق الملحد الدّهريّ.
[أحكام الزنادقة:]
وقال الآمديّ في أبكار الأفكار: حكم أموال الزّنادقة حكم المرتدّين فلا تقبل منهم جزية ولا تنكح نساؤهم ولا دية على قاتل واحد منهم، فإن استرقّ لحق واحد منهم بدار الحرب وسبي، ولو تاب واحد منهم فإن كان ذلك ابتداء منه غير خوف قبلت توبته، وإن كان ذلك خوفا من القتل بعد الظّهور على بدعته فقد اختلف في قبول توبته فقبلها الشّافعيّ وأبو حنيفة ومنع من ذلك مالك وبعض أصحاب الشّافعيّ وهو اختيار الأستاذ أبي إسحاق ولو قتل واحد منهم أو مات فما له مخمّس عند الشّافعيّ وأبي حنيفة، وعند مالك ماله كلّه لا خمس فيه. قلت: لا بعد فيه فإنّ الزّنديق يموّه كفره ويروّج العقيدة الفاسدة ويخرجها في الصّورة الصّحيحة وهذا معنى إبطانه الكفر فلا ينافي إظهاره الدّعوة إلى الملّة الضّالّة. فالملحد أوسع فرق الكفر جدّا، فافهم هذا الفرق.
[أنواع الزندقة:]
والزّنادقة على ثلاثة أوجه: إمّا أن يكون زنديقا من الأصل على الشّرك أو يكون مسلما فتزندق أو يكون ذمّيّا فتزندق. ففي الوجه الأوّل يترك على شركه، وفي الوجه الثّاني يعرض عليه الإسلام فإن أسلم وإلّا قتل لأنّه مرتّد، وفي الوجه الثّالث يترك على حاله لأنّ الكفر ملّة واحدة «١» .