للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات «١» .

وقال ابن القيّم: حقيقة المروءة: اتّصاف النّفس بصفات الإنسان الّتي فارق بها الحيوان البهيم، والشّيطان الرّجيم، فإنّ في النّفس ثلاثة دواع متجاذبة:

داع يدعوها إلى الاتّصاف بأخلاق الشّيطان، من الكبر، والحسد والعلوّ والبغي، والشّرّ والأذى، والفساد والغشّ.

وداع يدعوها إلى أخلاق الحيوان، وهو داعي الشّهوة، وداع يدعوها إلى أخلاق الملك، من الإحسان، والنّصح، والبرّ، والطّاعة، والعلم. والمروءة بغض الدّاعيين الأوّلين وإجابة الدّاعي الثّالث، ولهذا قيل في حدّ المروءة: إنّها غلبة العقل للشّهوة، ونقل عن الفقهاء قولهم:

حدّ المروءة: استعمال ما يجمّل العبد ويزينه، وترك ما يدنّسه ويشينه «٢» ، سواء تعلّق ذلك به وحده أو تعدّاه إلى غيره «٣» .

مروءة كلّ شيء بحسبه:

وقال- رحمه الله تعالى-: مروءة اللّسان:

حلاوته وطيبه ولينه.

ومروءة الخلق: سعته وبسطه للحبيب والبغيض.

ومروءة المال: الإصابة ببذله مواقعه المحمودة عقلا وعرفا وشرعا.

ومروءة الجاه: بذله للمحتاج إليه.

ومروءة الإحسان والبذل: تعجيله وتيسيره، وتوفيره وعدم رؤيته حال وقوعه، ونسيانه بعد وقوعه.

[درجات المروءة:]

للمروءة ثلاث درجات:

الأولى: مروءة المرء مع نفسه، وهي أن يحملها قسرا على فعل ما يجمّل ويزين، وترك ما يقبّح ويشين، ليصير لها ملكة في العلانية، ولا يفعل خاليا ما يستحي من فعله في الملإ، إلّا مالا يحظره الشّرع والعقل.

الثّانية: مروءة المرء مع الخلق، بأن يستعمل معهم شروط الأدب والحياء، والخلق الجميل، ولا يظهر لهم ما يكرهه هو من غيره لنفسه.

الثّالثة: المروءة مع الحقّ سبحانه، ويكون ذلك بالاستحياء من نظره إليك، واطّلاعه عليك في كلّ لحظة ونفس، وإصلاح عيوب نفسك جهد الإمكان فإنّه قد اشتراها منك، وأنت ساع في تسليم المبيع، وليس من المروءة تسليمه معيبا «٤» .

[حقوق المروءة وشروطها:]

قال بعض البلغاء من شرائط المروءة:

١- أن يتعفّف المرء عن الحرام.

٢- أن ينصف في الحكم.

٣- أن يكفّ عن الظّلم.


(١) المصباح المنير (٢/ ٢٣٤) وانظر الصحاح في اللغة والعلوم للمرعشلي (٢/ ٤٨٥) .
(٢) مدارج السالكين ٢/ ٣٦٦
(٣) هذه الاضافة مما ذكره في ٢/ ٣٥٣ عند حديثه عن الفتوة.
(٤) مدارج السالكين ٢/ ٣٦٨