للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٩- عن عبد الرّحمن بن بشير بن مسعود «١» ، قال: قيل: يا رسول الله! أمرتنا أن نسلّم عليك، وأن نصلّي عليك، فقد علمنا كيف نسلّم عليك، فكيف نصلّي عليك؟ قال: «تقولون: اللهمّ صلّ على آل محمّد، كما صلّيت على آل إبراهيم، اللهمّ بارك على آل محمّد، كما باركت على آل إبراهيم» «٢» .

[طلب الصلاة من الله:]

في الصّيغ السّابقة لاحظنا أنّ الصّلاة عليه صلّى الله عليه وسلّم تتحقّق من خلال طلبها من الله- عزّ وجلّ- أن يصلّي عليه، وهنا سؤال مهمّ هو: لماذا لا نصلّي عليه مباشرة وإنّما نطلب ذلك من الله عزّ وجلّ؟ وعن هذا السّؤال يجيب ابن القيّم فيقول:

أولا: إنّ الصّلاة من الله تعالى من أجلّ المراتب وأعلاها، ومحمّد صلّى الله عليه وسلّم أفضل الخلق فلا بدّ أن تكون الصّلاة الحاصلة له أفضل من كلّ صلاة تحصل لمخلوق فلا يكون غيره مساويا له فيها «٣» .

ثانيا: إنّ الله تعالى أخبر أنّه وملائكته يصلّون عليه، ثمّ أمر بالصّلاة عليه ولا ريب أنّ المطلوب من الله هو نظير الصّلاة المخبر بها لا ما دونها، وهو أكمل الصّلاة وأرجحها لا الصّلاة المرجوحة المفضولة «٤» .

كما كان أجر فضل صلاة الله- عزّ وجلّ- أعلى رتبة من فضل صلاة الإنسان بنفسه، فقد كان هذا الفضل- الحاصل بصلاة الله- عزّ وجلّ- عائدا على الإنسان له فائدة وأجر أعظم.


(١) عبد الرحمن بن بشير ذكره البخاري وابن أبي حاتم وابن حبّان في التابعين. وقال ابن القيم معدود في الصحابة، وراجع «جلاء الأفهام» (ص ٦٥) .
(٢) «فضل الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم» لإسماعيل بن إسحاق القاضي (ص ٧١) ، وقال فضيلة الشيخ الألباني في تخريجه: إسناده مرسل صحيح، رجاله كلهم رجال مسلم.
(٣) راجع (جلاء الأفهام) ص ١٥٤) .
(٤) راجع (جلاء الأفهام) ص ١٥٣.