للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يقتصر مفهومه على الطّعام أو السّلع، وإنّما شمل الخدمات الأخرى والامتيازات الممنوحة للشّركات والأفراد، يؤكّد هذا ما جاء في معجم المصطلحات الاقتصاديّة من أنّ الاحتكار: هو السّيطرة الخالصة على عرض سلعة أو خدمة ما في سوق معلومة أو على الامتياز الخالص للشّراء أو البيع دون مزاحم أو منافس «١» .

[حكم الاحتكار في الشريعة الإسلامية:]

قال ابن حجر: الاحتكار المحرّم: هو أن يمسك ما اشتراه لوقت في الغلاء لا الرّخص من القوت ونحوه مثل التّمر والزّبيب بقصد أن يبيعه بأغلى ممّا اشتراه به عند اشتداد الحاجة إليه، ويلحق بالقوت كلّ ما يعين عليه كاللّحم والفواكه، ومتى اختلّ شرط من ذلك فلا حرمة «٢» إذ لا يكره الاحتكار مع سعة الأبواب ورخص الأسعار، وأمّا احتكارها مع الضّيق والغلاء فمكروه ومحرّم «٣» . والخلاصة أنّ الاحتكار المنهيّ عنه ليس عامّا في كلّ شيء. فالغالب أنّه احتكار طعام وأن يكون من شراء، أي جمعه عن طريق الشّراء ليغلي ثمنه وأن يكون لأمد. وأن تكون الغاية منه الإغلاء واستغلال حاجة النّاس لكسب منفعة.

ولكنّ بعض أهل العلم لا يحصره في باب الطّعام بل يمدّه إلى كلّ ضرورات وحاجات الإنسان والحيوان، فكلّ ما لا يمكن الاستغناء عنه أو كان في تركه حرج لا يصحّ احتكاره واستغلاله.

أمّا ما لم يكن من الضّرورات أو الحاجات الإنسانيّة والحيوانيّة فلا يدخل في باب الاحتكار «٤» .

[احتكار الإنتاج في الاقتصاد الغربي:]

لم يعرف النّظام الاقتصاديّ الإسلاميّ الاحتكار فيما يتعلّق بإنتاج سلعة من السّلع إذ النّاس جميعا سواء فيما يتعلّق بحرّيّة الإنتاج. ولكنّ النّظام الاقتصاديّ الغربيّ أقرّ هذا المبدأ دون غضاضة، ففي العصور الوسطى كان الملوك في أغلب الأحيان هم الّذين يمنحون الأفراد حقّ احتكار أيّ سلعة، وفي العصر الحديث ينشأ الاحتكار عادة نتيجة لتجمّع المنتجين الأساسيّين للسّلعة في وحدة واحدة بغرض فرض الرّقابة على العرض الكلّيّ لها وارتفاع سعرها «٥» .

[للاستزادة: انظر صفات: الأثرة- التناجش- الأذى- الطمع.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: الرحمة- الرضا- القناعة- النزاهة- حسن المعاملة- الأمانة] .


(١) معجم المصطلحات الاقتصادية (٥٤٤) .
(٢) الزواجر من ارتكاب الكبائر لابن حجر (٣١٦) .
(٣) فى تفصيل حالات الكراهية والحرمة والإباحة: الحاوي الكبير (٧/ ٨٤) وما بعدها.
(٤) ينظر الدر المنتقى على متن الملتقى للحصكفي (٢/ ٥٤٧) ، ونهاية المحتاج للرّملي (٣/ ٤٥٦) ، والمغني لابن قدامة (٤/ ٢٢٠) ، والمحلي لابن حزم ٩/ ٧٨، والبدائع للكاساني (٥/ ١٢٩) .
(٥) معجم المصطلحات الاقتصادية (١٦٧) .