للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همّته) * «١» .

٨-* (وقال- رحمه الله-: المؤمن قوّام على نفسه، يحاسب نفسه لله، وإنّما خفّ الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدّنيا، وإنّما شقّ الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة. إنّ المؤمن يفاجئه الشّيء ويعجبه، فيقول: والله إنّي لأشتهيك. وإنّك لمن حاجتي، ولكن والله ما من صلة إليك، هيهات هيهات. حيل بيني وبينك، ويفرط منه الشّيء فيرجع إلى نفسه، فيقول: ما أردت إلى هذا؟ مالي ولهذا؟ والله لا أعود إلى هذا أبدا، إنّ المؤمنين قوم أوقفهم القرآن، وحال بينهم وبين هلكتهم، إنّ المؤمن أسير في الدّنيا يسعى في فكاك رقبته، لا يأمن شيئا حتّى يلقى الله؛ يعلم أنّه مأخوذ عليه في سمعه وفي بصره، وفي لسانه، وفي جوارحه، مأخوذ عليه في ذلك كلّه) * «٢» .

٩-* (قال مالك بن دينار- رحمه الله-:

رحم الله عبدا قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟ ألست صاحبة كذا؟ ثمّ زمّها، ثمّ خطمها، ثمّ ألزمها كتاب الله- عزّ وجلّ- فكان لها قائدا) * «٣» .

١٠-* (عن الحسن- رحمه الله-: وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (القيامة/ ٢) قال: لا تلقى المؤمن إلّا يعاتب نفسه، ماذا أردت بكلمتي، ماذا أردت بأكلتي) * «٤» .

١١-* (عن وهب بن منبّه، قال: مكتوب في حكمة آل داود: حقّ على العاقل أن لا يغفل عن أربع ساعات: ساعة يناجي فيها ربّه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها مع إخوانه الّذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه، وساعة يخلو فيها بين نفسه، وبين لذّاتها، فيما يحلّ ويحمد، فإنّ في هذه السّاعة عونا على تلك السّاعات، وإجماما للقلوب «٥» .

وحقّ على العاقل أن لا يرى ظاعنا إلّا في ثلاث: زاد لميعاد، أو مرمّة «٦» لمعاش، أو لذّة في غير محرّم. وحقّ على العاقل أن يكون عارفا بزمانه، حافظا للسانه، مقبلا على شأنه) * «٧» .

١٢-* (عن ميمون بن مهران قال: لا يكون الرّجل تقيّا حتّى يكون لنفسه أشدّ محاسبة من الشّريك لشريكه) * «٨» .

١٣-* (قال الغزاليّ- رحمه الله-: عرف أرباب البصائر من جملة العباد أنّ الله تعالى لهم بالمرصاد، وأنّهم سيناقشون في الحساب، ويطالبون بمثاقيل الذّرّ من الخطرات واللّحظات، وتحقّقوا أنّه لا


(١) محاسبة النفس لابن أبي الدنيا (٣٤) .
(٢) المرجع السابق (٣٢) .
(٣) محاسبة النفس لابن أبي الدنيا (ص ٢٦) ، وإغاثة اللهفان لابن القيم (٩٦) ..
(٤) محاسبة النفس لابن أبي الدنيا (٢٤) ، وإغاثة اللهفان لابن القيم (٩٦) .
(٥) إجماما للقلوب: راحة لها، والجمام بالفتح الراحة.
(٦) مرمّة: متاع البيت.
(٧) محاسبة النفس لابن أبي الدنيا (٣٠) ، وإغاثة اللهفان لابن القيم (٩٥) .
(٨) محاسبة النفس لابن أبي الدنيا (٢٥) ، وإغاثة اللهفان: (٩٥) ، وإحياء علوم الدين (٤/ ٤٢٩) .