للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً «١» .

- إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا

«٢» .

- وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ «٣» .

- مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ* صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ* أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ* يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «٤» .

إن القرآن يعرض النفاق كطبيعة منحرفة وسلوك مريض، ويشخص هذا المرض ويحلله ويتحدث عنه باستفاضة وعن مضاعفاته ونتائجه، وقصده من ذلك التحذير منه، ومن النتائج الخطيرة التي تترتب عليه، فهي نتائج تصيب الإنسان في وجوده الذي يرتبط بالصدق والحرية والتجدد، فيتحول وجوده إلى زيف وجمود وهراء «٥» .

ومن هذا المنطلق حارب البخل والجبن في نفس الإنسان، وحارب التواكل الذي يحيل الإنسان إلى طفل لا يستنفر ذاته، وإنما يعتمد على الآخرين في حل مشكلاته، وفي حربه تلك يجعل المسلم يجابه الواقع ويتحمل المسئولية، ويبتعد عن كل شيء يصادر تلك المسئولية «٦» .

لقد علم الإسلام المسلم أن يؤمن بوجود قوة عليا، وأن يستفيد من إمكانياته واستعداده للإيمان بالغيبيات فضبطها، بحيث لا يصل إلى التصادم مع الأسباب والمسببات. وعلمه القرآن أن الحق يبطل السحر، وأنه ليس بإمكان أحد أن يضره إلا بإذن الله، وأن التلصص على السماء لسماع الغيب قد بطل منذ بعثة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأن الشفاعة لا تنفع إلا لمن أذن له الرحمن، وقد كان ذلك كله إيذانا بتصحيح علاقة الإنسان بنفسه، فلا يخور ولا يجبن ولا ينافق ولا يدع الأسباب «٧» . وكان أيضا إيذانا بتصحيح علاقة الإنسان مع الآخرين، وانطلق المسلم بالدعوة الإسلامية إلى مرحلة العالمية.

٤- وأتم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بناء القيم الخلقية في النفوس المسلمة، وكانت طريقته في ذلك أبدع ما تكون الطريقة، وأساليبه أشهر ما تكون وأعظم، في ضربه المثل الأعلى والقدوة الصالحة من ذاته، في نفسه، وفي مجالسه،


(١) البقرة: ١٠.
(٢) النساء: ١٤٢.
(٣) المنافقون: ٤.
(٤) البقرة: ١٧: ٢٠.
(٥) عبد الحميد إبراهيم: الوسطية العربية، الكتاب الأول، المذهب، الطبعة الثالثة، القاهرة، دار المعارف، ١٩٩٠ م، ص ١٥٧.
(٦) المرجع السابق، ص ١٥٧، ١٥٩، واقرأ: الإسراء: ٩٣- ٩٥.
(٧) المرجع السابق، ص ١٦٠.