للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله صلّى الله عليه وسلّم «لا يقدّمنّ أحد منكم إلى شيء حتّى أكون أنا دونه» «١» فدنا المشركون. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «قوموا إلى جنّة عرضها السموات والأرض» قال: يقول عمير ابن الحمام الأنصاريّ: يا رسول الله! جنّة عرضها السّموات والأرض؟ قال «نعم» قال: بخ بخ. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما يحملك على قولك بخ بخ» «٢» قال: لا. والله يا رسول الله! إلّا رجاءة أن أكون من أهلها. قال «فإنّك من أهلها» فأخرج تمرات من قرنه «٣» . فجعل يأكل منهنّ. ثمّ قال: لئن أنا حييت حتّى آكل تمراتي هذه. إنّها لحياة طويلة. قال: فرمى بما كان معه من التّمر. ثمّ قاتلهم حتّى قتل) * «٤» .

٤-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:

بعث النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم خيلا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «ماذا عندك يا ثمامة؟ «٥» » فقال: عندي خير. يا محمّد! إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت. فترك حتّى كان الغد ثمّ قال له: «ما عندك يا ثمامة؟» فقال: ما قلت لك: إن تنعم تنعم على شاكر. فتركه حتّى كان بعد الغد، فقال: «ما عندك يا ثمامة؟» فقال: عندي ما قلت لك. فقال: «أطلقوا ثمامة فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل، ثمّ دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أنّ محمّدا رسول الله. يا محمّد! والله ما كان على الأرض وجه أبغض إليّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحبّ الوجوه إليّ. والله ما كان من دين أبغض إليّ من دينك، فأصبح دينك أحبّ الدّين إليّ، والله ما كان من بلد أبغض إليّ من بلدك، فأصبح بلدك أحبّ البلاد إليّ، وإنّ خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ فبشّره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأمره أن يعتمر. فلمّا قدم مكّة قال له قائل: صبوت. قال: لا والله، ولكن أسلمت مع محمّد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبّة حنطة حتّي يأذن فيها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم) * «٦» .

٥-* (عن سعد بن أبي وقّاص- رضي الله عنه- قال: رأيت أخي عمير بن أبي وقّاص قبل أن يعرضنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم بدر يتوارى، فقلت: ما لك يا أخي؟ قال: إنّي أخاف أن يراني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيستصغرني فيردّني، وأنا أحبّ الخروج لعلّ الله أن يرزقني الشّهادة. قال: فعرض على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فردّه، فبكى فأجازه. فكان سعد- رضي الله عنه- يقول: فكنت أعقد حمائل سيفه من صغره، فقتل وهو ابن ستّ عشرة سنة) * «٧» .

٦-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال: لمّا


(١) حتى أكون أنا دونه: أي قدامه متقدما في ذلك الشيء. لئلا يفوت شيء من المصالح التي لا تعلمونها.
(٢) بخ بخ: فيه لغتان: إسكان الخاء وكسرها منونا وهي كلمة تطلق لتفخيم الأمر وتعظيمه.
(٣) قرنه: أي جعبة النشاب.
(٤) مسلم (١٩٠١) .
(٥) ما عندك يا ثمامة: أي ما تظن أني فاعل بك.
(٦) البخاري- الفتح ٧ (٤٣٧٢) واللفظ له. ومسلم (١٧٦٤) .
(٧) الإصابة (٥/ ٣٦) واللفظ له، وقال أخرجه البزار، ورجاله ثقات، كما في المجمع (٦/ ٦٩) .