للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اجترأت على أمير المؤمنين وأبكيته، فأشار إليه عمر أن دعها، فلمّا فرغ قال: أما تعرف هذه؟ قال: لا، قال:

هذه خولة ابنة حكيم الّتي سمع الله قولها، فعمر أحرى أن يسمع كلامها، أشار إلى قوله تعالى قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها (المجادلة/ ١) وهي خولة هذه) * «١» .

٤-* (بكى أبو هريرة في مرضه، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: أما إنّي لا أبكي على دنياكم هذه، ولكن أبكي على بعد سفري وقلّة زادي، وإنّي أمسيت في صعود على جنّة أو نار، لا أدري إلى

أيّتهما يؤخذ بي) * «٢» .

٥-* (عن حفص بن عمر- رضي الله عنهما- قال: بكى الحسن، فقيل: ما يبكيك؟ قال: أخاف أن يطرحني غدا في النّار ولا يبالي) * «٣» .

٦-* (عن القاسم بن عبد الرّحمن قال: قال رجل لابن مسعود: يا أبا عبد الرّحمن أوصني قال:

ليسعك بيتك، وابك من ذكر خطيئتك، وكفّ لسانك) * «٤» .

٧-* (عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، أنّه بكى يوما بين أصحابه فسئل عن ذلك، فقال:

فكّرت في الدّنيا ولذّاتها وشهواتها فاعتبرت منها بها، ما تكاد شهواتها تنقضي حتّى تكدّرها مرارتها، ولئن لم يكن فيها عبرة لمن اعتبر، إنّ فيها مواعظ لمن ادّكر «٥» » ) * «٦» .

٨-* (قالت فاطمة بنت عبد الملك امرأة عمر ابن عبد العزيز للمغيرة بن حكيم: يا مغيرة، إنّه قد يكون في النّاس من هو أكثر صلاة وصياما من عمر، وما رأيت أحدا قطّ كان أشدّ فرقا «٧» من ربّه من عمر، كان إذا صلّى العشاء قعد في مسجده ثمّ رفع يديه، فلم يزل يبكي حتّى تغلبه عيناه، ثمّ ينتبه فلا يزال يبكي حتّى تغلبه عيناه) * «٨» .

٩-* (عن الحسن أنّه قرأ هذه الاية أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ* وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (النجم/ ٥٩- ٦٠) ، قال: والله إن كان أكيس القوم في هذا الأمر لمن بكى، فأبكوا هذه القلوب، وابكوا هذه الأعمال؛ فإنّ الرّجل لتبكي عيناه وإنّه لقاسي القلب) * «٩» .

١٠-* (قال الحسن البصريّ: «إنّ المؤمنين قوم ذلّت والله منهم الأسماع والأبصار والأبدان حتّى حسبهم الجاهل مرضى، وهم والله أصحاب القلوب، ألا تراه يقول: وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ (فاطر/ ٣٤) ، والله لقد كابدوا في الدّنيا حزنا


(١) الشفاء لابن الجوزي (٨٧) .
(٢) شرح السنة للبغوي (١٤/ ٣٧٣) .
(٣) التخويف من النار لابن رجب (٢٣) .
(٤) الزهد لابن المبارك (٤٢) .
(٥) ادّكر: تذكّر.
(٦) تفسير ابن كثير (١/ ٤٣٨) .
(٧) فرقا: خوفا.
(٨) شعب الإيمان للبيهقي (٣/ ٢٠٩) ، ورجاله ثقات.
(٩) الزهد لابن المبارك (٤١) .