للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلّى الله عليه وسلّم يعوده فقعد عند رأسه. فقال له: «أسلم» . فنظر إلى أبيه وهو عنده. فقال له: أطع أبا القاسم صلّى الله عليه وسلّم.

فأسلم، فخرج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو يقول: «الحمد لله الّذي أنقذه من النّار» ) * «١» .

٤٥-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بارزا يوما للنّاس فأتاه رجل فقال: ما الإيمان؟. قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه ورسله وتؤمن بالبعث. قال: ما الإسلام؟. قال: «الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به، وتقيم الصّلاة، وتؤدّي الزّكاة المفروضة، وتصوم رمضان. قال: ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك، قال: متى السّاعة؟

قال: ما المسئول عنها بأعلم من السّائل، وسأخبرك عن أشراطها. إذا ولدت الأمة ربّها «٢» . وإذا تطاول رعاة الإبل «٣» البهم في البنيان، في خمس لا يعلمهنّ إلّا الله، ثمّ تلا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ الآية (لقمان/ ٣٤) . ثمّ أدبر فقال: «ردّوه» .

فلم يروا شيئا. فقال: «هذا جبريل جاء يعلّم النّاس دينهم» ) * «٤» .

٤٦-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «كلّ كلم يكلمه «٥» المسلم في سبيل الله يكون يوم القيامة كهيئتها إذ طعنت تفجّر دما، اللّون لون الدّم والعرف عرف المسك «٦» » ) * «٧» .

٤٧-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: كنت أدعو أمّي إلى الإسلام، وهي مشركة فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله ما أكره، فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأنا أبكي. قلت: يا رسول الله إنّي كنت أدعو أمّي إلى الإسلام فتأبى عليّ فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره فادع الله أن يهدي أمّ أبي هريرة. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اللهمّ اهد أمّ أبي هريرة» . فخرجت مستبشرا بدعوة نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا جئت فصرت إلى الباب، فإذا هو مجاف «٨» فسمعت أمّي خشف قدميّ «٩» ، فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمعت خضخضة «١٠» الماء. قال: فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها، ففتحت الباب، ثمّ قالت: يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله. قال: فرجعت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأتيته، وأنا أبكي من الفرح. قال: قلت:

يا رسول الله أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أمّ أبي هريرة. فحمد الله وأثنى عليه، وقال: «خيرا» . قال:

قلت: يا رسول الله ادع الله أن يحبّبني أنا وأمّي إلى عباده المؤمنين ويحبّبهم إلينا. قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:


(١) البخاري- الفتح ٣ (١٣٥٦) .
(٢) ربها: سيدها ومالكها.
(٣) رعاة الإبل: معناه أن أهل البادية وأشباههم من أهل الحاجة والفاقة تبسط لهم الدنيا حتى يتباهوا فيها.
(٤) البخاري- الفتح ١ (٥٠) واللفظ له. ومسلم (٩) ..
(٥) كل كلم يكلمه: أي كل جرح يجرحه.
(٦) والعرف عرف المسك: أي الريح ريح المسك لينتشر في أهل الموقف إظهارا لفضله.
(٧) البخاري- الفتح ١ (٢٣٧) . ومسلم (١٨٧٦) .
(٨) مجاف: مغلق.
(٩) خشف قدمي: أي صوتهما في الأرض.
(١٠) خضخضة الماء: أي صوت تحريكه.