للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتّى أتاه المؤذّن فصلّى ركعتين خفيفتين ثمّ خرج فصلّى الصّبح» ) * «١» .

٦-* (عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- قال: زوّجني أبي امرأة من قريش، فلمّا دخلت عليّ جعلت لا أنحاش «٢» لها، ممّا بي من القوّة على العبادة، من الصّوم والصّلاة، فجاء عمرو بن العاص إلى كنّته «٣» ، حتّى دخل عليها، فقال لها:

كيف وجدت بعلك؟. قالت: خير الرّجال، أو كخير البعولة، من رجل لم يفتّش لنا كنفا، ولم يعرف لنا فراشا. فأقبل عليّ، فعذمني «٤» ، وعضّني بلسانه، فقال: أنكحتك امرأة من قريش ذات حسب، فعضلتها «٥» ، وفعلت وفعلت، ثمّ انطلق إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فشكاني، فأرسل إليّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فأتيته، فقال لي: أتصوم النّهار؟. قلت: نعم، قال: وتقوم اللّيل؟. قلت: نعم، قال: لكنّي أصوم وأفطر، وأصلّي وأنام، وأمسّ النّساء، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي، قال: اقرأ القرآن في كلّ شهر، قلت: إني أجدني أقوى من ذلك، قال- أحدهما إمّا حصين وإمّا مغيرة-: فاقرأه في كلّ عشرة أيّام، قلت: إنّي أجدني أقوى من ذلك، قال: فاقرأه في كلّ ثلاث «٦» ، قال: ثمّ قال: صم في كلّ شهر ثلاثة أيّام، قلت: إنّي أجدني أقوى من ذلك، قال: فلم يزل يرفعني حتّى قال: صم يوما وأفطر يوما، فإنّه أفضل الصّيام، وهو صيام أخي داود،. قال حصين في حديثه- ثمّ قال صلّى الله عليه وسلّم: «فإنّ لكلّ عابد شرّة «٧» ، ولكلّ شرّة فترة فإمّا إلى سنّة، وإمّا إلى بدعة، فمن كانت فترته إلى سنّة فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك» ، قال مجاهد: فكان عبد الله بن عمرو حيث ضعف وكبر، يصوم الأيّام كذلك، يصل بعضها إلى بعض، ليتقوّى بذلك، ثمّ يفطر بعد تلك الأيّام، قال: وكان يقرأ في كلّ حزبه كذلك، يزيد أحيانا، وينقص أحيانا، غير أنّه يوفّي العدد، إمّا في سبع، وإمّا في ثلاث، قال: ثمّ كان يقول بعد ذلك: لأن أكون قبلت رخصة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحبّ إليّ ممّا عدل به أو عدل، لكنّي فارقته على أمر أكره أن أخالفه إلى غيره) * «٨» .

٧-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا نظر أحدكم إلى من فضّل عليه في المال والخلق، فلينظر إلى من هو أسفل منه ممّن فضّل عليه» ) * «٩» .


(١) البخاري- الفتح ١ (١٨٣) واللفظ له. ومسلم (٧٦٣) .
(٢) أنحاش: لا أنفر لها ولا أقبل عليها.
(٣) الكنّة: امرأة الابن وجمعها كنائن.
(٤) فعذمني: العذم الأخذ باللسان واللوم.
(٥) فعضلتها: فقهرتها وضيقت عليها.
(٦) أي في كل ثلاثة أيام، إذا حذف المعدود جاز في العدد التذكير والتأنيث.
(٧) الشرة: النشاط والرغبة. والفترة: الهدوء بعد الحدة.
(٨) البخاري- الفتح ٤ (١٩٧٥ و١٩٧٦) . ومسلم (١١٥٩) . وأحمد (٩/ ٦٤٧٧) وهذا لفظه. وقال الشيخ أحمد شاكر (٩/ ٢٣٥) : إسناده صحيح وهو حديث مشهور.
(٩) البخاري- الفتح ١١ (٦٤٩٠) ، ومسلم (٢٩٦٣) واللفظ له.