للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفتح الباب فخرج. ثمّ أجافه «١» رويدا. فجعلت درعي في رأسي «٢» ، واختمرت «٣» وتقنّعت إزاري «٤» .

ثمّ انطلقت على إثره. حتّى جاء البقيع فقام. فأطال القيام. ثمّ رفع يديه ثلاث مرّات. ثمّ انحرف فانحرفت. فأسرع فأسرعت. فهرول فهرولت.

فأحضر فأحضرت «٥» فسبقته فدخلت. فليس إلّا أن اضطجعت فدخل. فقال: «مالك؟ يا عائش! حشيا رابية! «٦» » قالت: قلت: لا شيء. قال:

«لتخبرنّي أو ليخبرنّي اللّطيف الخبير» قالت: قلت: يا رسول الله! بأبي أنت وأمّي! فأخبرته. قال: فأنت السّواد «٧» الّذي رأيت أمامي؟» قلت: نعم. فلهدني «٨» في صدري لهدة أوجعتني. ثمّ قال: «أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟» قالت: مهما يكتم النّاس يعلمه الله. نعم. قال: «فإنّ جبريل أتاني حين رأيت. فناداني فأخفاه منك. فأجبته. فأخفيته منك «٩» . ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك. وظننت أن قد رقدت. فكرهت أن أوقظك. وخشيت أن تستوحشي، فقال: إنّ ربّك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم» قالت: قلت: كيف أقول لهم؟ يا رسول الله! قال: قولي: السّلام على أهل الدّيار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منّا والمستأخرين وإنّا إن شاء الله بكم للاحقون» ) * «١٠» .

١٢-* (عن البراء بن عازب- رضي الله عنهما- قال: أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بسبع: بعيادة المريض، واتّباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضّعيف، وعون المظلوم، وإفشاء السّلام، وإبرار المقسم. ونهى عن الشّرب في الفضّة، ونهى عن تختّم الذّهب، وعن ركوب المياثر «١١» ، وعن لبس الحرير والدّيباج، والقسّيّ «١٢» والإستبرق) * «١٣» .

١٣-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما-


(١) ثم أجافه: أي أغلقه. وإنما فعل ذلك صلّى الله عليه وسلّم في خفية لئلا يوقظها ويخرج عنها، فربما لحقتها وحشة في انفرادها في ظلمة الليل.
(٢) فجعلت درعي في رأسي: درع المرأة قميصها.
(٣) واختمرت: أي ألقيت على رأسي الخمار، وهو ما تستر به المرأة رأسها.
(٤) وتقنعت إزاري: هكذا هو في الأصول: إزاري، بغير باء في أوله. وكأنه بمعنى لبست إزاري، فلهذا عدي بنفسه.
(٥) فأحضر فأحضرت: الإحضار العدو. أي فعدا فعدوت، والعدو الجري فوق الهرولة.
(٦) مالك يا عائش حشيا رابية: يجوز في عائش فتح الشين وضمها. وهما وجهان جاريان في كل المرخمات. وحشيا: معناه قد وقع عليك الحشا وهو الربو والتهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه والمحتد في كلامه، من ارتفاع النفس وتواتره. يقال: امرأة حشيا وحشية. ورجل حشيان وحش. قيل: أصله من أصاب الربو حشاه. رابية: أي مرتفعة البطن.
(٧) فأنت السواد: أي الشخص.
(٨) فلهدني: قال أهل اللغة: لهده ولهّده، بتخفيف الهاء، وتشديدها، أي دفعه.
(٩) أخفاه منك أي النداء وأخفيته منك أي الجواب.
(١٠) مسلم (٩٧٤) .
(١١) المياثر: هي أغشية السروج تتخذ من الحرير، وقيل هي شيء كالفراش الصغير تتخذ من حرير تحشى بقطن أو صوف يجعلها الراكب فوق الرحال.
(١٢) القسّيّ: هي ثياب مضلعة بالحرير تعمل بالقسّ بفتح القاف وهو موضع من بلاد مصر.
(١٣) البخاري- الفتح ١١ (٦٢٣٥) واللفظ له مسلم (٢٠٦٦) .