للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليها» ) * «١» .

٢١-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قالوا يا رسول الله! هل نرى ربّنا يوم القيامة؟

قال: «هل تضارّون في رؤية الشّمس في الظّهيرة، ليست في سحابة؟» قالوا: لا. قال: «فهل تضارّون في رؤية القمر ليلة البدر، ليس في سحابة؟» قالوا:

لا. قال: «فوالّذي نفسي بيده لا تضارّون في رؤية ربّكم إلّا كما تضارّون في رؤية أحدهما. قال:

«فيلقى العبد فيقول: أي فل «٢» ألم أكرمك، وأسوّدك»

، وأزوّجك، وأسخّر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس «٤» وتربع «٥» ؟ فيقول: بلى. قال:

فيقول: أفظننت أنّك ملاقيّ؟ فيقول: لا. فيقول:

فإنّي أنساك كما نسيتني «٦» . ثمّ يلقى الثّاني فيقول:

أي فل، ألم أكرمك، وأسوّدك، وأزوّجك، وأسخّر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى أي ربّ. قال: فيقول: أفظننت أنّك ملاقيّ؟ فيقول:

لا. فيقول: فإنّي أنساك كما نسيتني. ثمّ يلقى الثّالث فيقول له مثل ذلك، فيقول: يا ربّ! آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصلّيت وصمت وتصدّقت، ويثني بخير ما استطاع. فيقول ههنا إذا «٧» قال: ثمّ يقال له: الآن نبعث شاهدنا عليك. ويتفكّر في نفسه: من ذا الّذي يشهد عليّ؟ فيختم على فيه.

ويقال لفخذه ولحمه وعظامه: انطقي. فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله. وذلك ليعذر «٨» من نفسه.

وذلك المنافق. وذلك الّذي يسخط الله عليه» ) * «٩» .

٢٢-* (عن أبي سعيد- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يدعى نوح وأمّته، فيقول الله تعالى: هل بلّغت؟ فيقول: نعم أي ربّ. فيقول لأمّته هل بلّغكم؟ فيقولون: لا، ما جاءنا من نبيّ، فيقول لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمّد صلّى الله عليه وسلّم وأمّته، فنشهد أنّه قد بلّغ وهو قوله جلّ ذكره (البقرة/ ١٤٣) وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ» ) *. والوسط العدل «١٠» .


(١) البخاري- الفتح ٥ (٢٧٥٦) .
(٢) أي فل: معناه يا فلان: وهو ترخيم على خلاف القياس وقيل: هي لغة بمعنى فلان. حكاها القاضي.
(٣) أسودك: أي أجعلك سيدا على غيرك.
(٤) ترأس: أي تكون رئيس القوم وكبيرهم.
(٥) تربع: أي تأخذ المرباع الذي كانت ملوك الجاهلية تأخذه من الغنيمة، وهو ربعها يقال: ربعتهم أي أخذت ربع أموالهم. ومعناه: ألم أجعلك رئيسا مطاعا. قال القاضي بعد حكايته نحو ما ذكرته: عندي أن معناه تركتك مستريحا لا تحتاج إلى مشقة وتعب. من قوله: اربع على نفسك، أي ارفق بها.
(٦) فإني أنساك كما نسيتني: أي أمنعك الرحمة كما امتنعت من طاعتي.
(٧) هاهنا إذا: معناه قف ههنا حتى يشهد عليك جوارحك، إذ قد صرت مفكرا.
(٨) ليعذر: من الإعذار، والمعنى ليزيل الله عذره من لدن نفسه بكثرة ذنوبه وشهادة أعضائه عليه بحيث لم يبق له عذر يتمسك به.
(٩) مسلم برقم (٢٩٦٨) .
(١٠) البخاري- الفتح ٦ (٣٣٣٩) .