للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: شهدت عثمان بن عفّان وأتي بالوليد «١» قد صلّى الصّبح ركعتين. ثمّ قال أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان:- أحدهما حمران- أنّه شرب الخمر. وشهد آخر أنّه رآه يتقيّأ. فقال: عثمان: إنّه لم يتقيّأ حتّى شربها. فقال: يا عليّ قم فاجلده. فقال عليّ: قم يا حسن فاجلده. فقال الحسن: ولّ حارّها من تولّى قارّها «٢» فكأنّه وجد عليه «٣» فقال: يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده. وعليّ يعدّ. حتّى بلغ أربعين.

فقال: أمسك، ثمّ قال: جلد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أربعين. وجلد أبو بكر أربعين. وعمر ثمانين. وكلّ سنّة، وهذا أحبّ إليّ» ) * «٤» .

٥-* (عن سفيان قال: سمعت عمرا قال:

كنت جالسا مع جابر بن زيد وعمرو بن أوس فحدّثهما بجالة سنة سبعين- عام حجّ مصعب بن الزّبير بأهل البصرة- عند درج زمزم قال: كنت كاتبا لجزء بن معاوية عمّ الأحنف، فأتانا كتاب عمر ابن الخطّاب قبل موته بسنة: فرّقوا بين كلّ ذي محرم من المجوس. ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس.

حتّى شهد عبد الرّحمن بن عوف أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخذها من مجوس هجر» ) * «٥» .

٦-* (عن جابر قال: سرنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان قوت كلّ رجل منّا في كلّ يوم تمرة فكان يمصّها، ثمّ يصرّها في ثوبه، وكنّا نختبط بقسيّنا «٦» ونأكل. حتّى قرحت أشداقنا «٧» فأقسم أخطئها «٨» رجل منّا يوما، فانطلقنا به ننعشه «٩» فشهدنا أنّه لم يعطها، فأعطيها، فقام فأخذها» ) * «١٠» .


(١) شهدت عثمان بن عفان وأتي بالوليد: أي حضرت عنده بالمدينة وهو خليفة. والوليد هو الوليد بن عقبة بن أبي معيط الذي أنزل فيه: إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أتي به من الكوفة. كان واليا عليها، وكان شاربا سيء المسيرة صلى بالناس الصبح أربعا وهو سكران، ثم التفت إليهم فقال: أزيدكم؟ قال أهل الصف الأول: ما زلنا في زيادة منذ وليتنا وما تزيدنا؟ لا زادك الله من الخير! وحصب الناس الوليد بحصباء المسجد، فشاع ذلك في الكوفة، وجرى من الأحوال ما اضطر سيدنا عثمان إلى استحضاره.
(٢) ولّ حارها من تولى قارها: الحار الشديد المكروه والقار البارد الهنيء الطيب، وهذا مثل من أمثال العرب قال الأصمعي وغيره: معناه ولّ شدّتها وأوساخها من تولى هنيئها ولذّاتها. والضمير عائد إلى الخلافة والولاية. أي كما أن عثمان وأقاربه تولوا هنيء الخلافة ويختصون به يتولون نكدها وقاذوراتها ومعناه ليتول هذا الجلد عثمان بنفسه أو بعض خاصته الأقربين.
(٣) وجد عليه: أي غضب عليه.
(٤) مسلم برقم (١٧٠٧) .
(٥) البخاري- الفتح ٦ (٣١٥٦، ٣١٥٧) .
(٦) كنا نختبط بقسينا: معنى نختبط نضرب الشجر ليتحات ورقه فنأكله. والقسي جمع قوس.
(٧) حتى قرحت أشداقنا: أي تجرحت من خشونة الورق وحرارته.
(٨) فأقسم أخطئها: معنى أقسم أحلف. وقوله أخطئها أي فاتته. ومعناه أنه كان للتمر قاسم يقسمه بينهم، فيعطي كل إنسان تمرة كل يوم فقسم في بعض الأيام ونسي إنسانا فلم يعطه تمرته، وظن أنه أعطاه، فتنازعا في ذلك وشهدنا له أنه لم يعطها فأعطيها بعد الشهادة.
(٩) ننعشه: أي نرفعه ونقيمه من شدة الضعف والجهد، وقال القاضي: الأشبه عندي أن معناه نشد جانبه في دعواه ونشهد له.
(١٠) مسلم برقم (٣٠١١) .