للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمّا أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: «خذ هذين القرينين «١» وهذين القرينين، وهذين القرينين (لستّة أبعرة ابتاعهنّ حينئذ من سعد) فانطلق بهنّ إلى أصحابك، فقل: إنّ الله- أو قال إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم- يحملكم على هؤلاء فاركبوهنّ» . قال أبو موسى:

فانطلقت إلى أصحابي بهنّ، فقلت: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحملكم على هؤلاء، ولكن والله لا أدعكم حتّى ينطلق معي بعضكم إلى من سمع مقالة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حين سألته لكم، ومنعه في أوّل مرّة ثمّ إعطاءه إيّاي بعد ذلك، لا تظنّوا أنّي حدّثتكم شيئا لم يقله.

فقالوا لي: والله إنّك عندنا لمصدّق. ولنفعلنّ ما أحببت. فانطلق أبو موسى بنفر منهم، حتّى أتوا الّذين سمعوا قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومنعه إيّاهم ثمّ إعطاءهم بعد. فحدّثوهم بما حدّثهم به أبو موسى سواء» ) * «٢» .

٧٠-* (عن رافع بن خديج- رضي الله عنه- قال: أعطى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبا سفيان بن حرب، وصفوان بن أميّة، وعيينة بن حصن، والأقرع بن حابس، كلّ إنسان منهم مائة من الإبل، وأعطى عبّاس بن مرداس دون ذلك، فقال عبّاس بن مرداس:

أتجعل نهبي ونهب العبي ... د بين عيينة والأقرع؟

فما كان حصن ولا حابس ... يفوقان مرداس في مجمع «٣»

وما كنت دون امرىء منهما ... ومن تخفض اليوم لا يرفع

قال: فأتمّ له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مائة) * «٤» .

٧١-* (عن عائشة أمّ المؤمنين- رضي الله عنها- أنّها قالت: أوّل ما بدأ به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الوحي الرّؤيا الصّالحة في النّوم، فكان لا يرى رؤيا إلّا جاءت مثل فلق الصّبح، ثمّ حبّب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء يتحنّث فيه- وهو التّعبّد- اللّيالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله. ويتزوّد لذلك، ثمّ يرجع إلى خديجة فيتزوّد لمثلها، حتّى جاءه الحقّ وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ. قال: «ما أنا بقارىء» قال: فأخذني فغطّني حتّى بلغ منّي الجهد. ثمّ أرسلني فقال: اقرأ. قال: «ما أنا بقارىء» . فأخذني فغطّني الثّانية حتّى بلغ منّي الجهد «٥» . ثمّ أرسلني فقال: اقرأ. فقلت: «ما أنا بقارىء» فأخذني فغطّني الثّالثة. ثمّ أرسلني فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (العلق/ ١- ٣) فرجع بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يرجف فؤاده. فدخل على خديجة بنت خويلد- رضي الله عنها- فقال: زمّلوني زمّلوني. فزمّلوه حتّى ذهب عنه


(١) القرينين: البعيرين المقرون أحدهما بصاحبه.
(٢) البخاري- الفتح ٧ (٤٤١٥) . ومسلم (١٦٤٩) واللفظ له.
(٣) العبيد: فرس عباس بن مرداس، وقد ورد في رواية مسلم «بدر» بدلا من «حصن» و «المجمع» بدلا من «مجمع» . انظر صحيح مسلم بشرح النووي (٧/ ١٥٤) .
(٤) مسلم (١٠٦٠) .
(٥) بلغ مني الجهد: يروى بنصب الجهد ورفعه ومعنى رواية النصب أن الغطّ بلغ منه المشقة والتعب، وعلى رواية الرفع بلغ منه الجهد مبلغا عظيما.