للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتصدّق بعشرين درهما، ولأن أصله بعشرين درهما أحبّ إليّ من أن أتصدّق بمائة درهم ولأن أصله بمائة درهم أحبّ إليّ من أن أعتق رقبة» ) * «١» .

٣-* (عن الحسن بن علىّ- رضي الله عنهما- قال: يا هذا، لرجل سأله، حقّ سؤالك إيّاي يعظم لديّ ومعرفتي بما يجب لك تكبر عليّ، ويدي تعجز عن نيلك بما أنت أهله، والكثير في ذات الله قليل، وما في ملكي وفاء لشكرك، فإن قبلت الميسور ورفعت عنّي مؤنة الاحتمال والاهتمام لما أتكلّفه من واجب حقّك فعلت، فقال: يا ابن بنت رسول الله أقبل وأشكر العطيّة وأعذر على المنع، فدعا الحسن بوكيله وجعل يحاسبه على نفقاته حتّى استقصاها.

فقال: هات الفضل من الثّلاثمائة ألف درهم، فأحضر خمسين ألفا، قال: فما فعلت بالخمسمائة دينار؟.

قال: هي عندي. قال: أحضرها، فأحضرها فدفع الدّنانير والدّراهم إلى الرّجل. قال: هات من يحملها لك، فأتاه بحمّالين فدفع إليه الحسن رداءه لكراء الحمّالين، فقال له مواليه: والله ما عندنا درهم فقال:

أرجو أن يكون لي عند الله أجر عظيم) * «٢» .

٤-* (قال شبيب بن شيبة- رحمه الله تعالى-:

كنّا بطريق مكّة وبين أيدينا سفرة لنا ببغداد في يوم قايظ فوقف علينا أعرابيّ ومعه جارية له زنجيّة، فقال: يا قوم: أفيكم أحد يقرأ كلام الله حتّى يكتب لي كتابا؟ قال: قلنا أصب من غدائنا حتّى نكتب لك ما تريد، قال: إنّي صائم فعجبنا من صومه في تلك البرّيّة، فلمّا فرغنا من غدائنا دعونا به فقلنا: ما تريد؟

فقال: أيّها الرّجل إنّ الدّنيا قد كانت ولم أكن فيها، وستكون ولا أكون فيها، فإنّي أردت أن أعتق جاريتي هذه لوجه الله، وليوم العقبة، أتدري ما يوم العقبة؟.

قوله- عزّ وجلّ-: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ* وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ* فَكُّ رَقَبَةٍ (البلد/ ١١- ١٣) . فاكتب ما أقول لك ولا تزيدنّ عليّ حرفا، هذه فلانة خادم فلان قد أعتقها لوجه الله وليوم العقبة. قال شبيب:

فقدمت البصرة فأتيت بغداد فحدّثت بهذا الحديث المهديّ، قال: مائة نسمة تعتق على عهدة الأعرابيّ) * «٣» .

٥-* (قال القرطبيّ- رحمه الله تعالى-:

النّفقة تعمّ الواجبات والمندوبات، لكنّ الممسك عن المندوبات لا يستحقّ دعاء الملك (اللهم أعط منفقا خلفا) إلّا أن يغلب عليه البخل المذموم بحيث لا تطيب نفسه بإخراج الحقّ الّذي عليه لو أخرجه) * «٤» .

٦-* (قال النّوويّ- رحمه الله تعالى-:

الإنفاق الممدوح ما كان في الطّاعات على العيال، والضّيفان، والتّطوّعات) * «٥» .


(١) إحياء علوم الدين (١/ ٢٢٠) .
(٢) إحياء علوم الدين (١/ ٢٢٠) .
(٣) شعب الإيمان، للبيهقي (٨/ ٢٨٤) وقال مخرجه: إسناده صحيح.
(٤) دليل الفالحين (٢/ ١٢١) .
(٥) المرجع السابق نفسه، والصفحة نفسها.