للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْبَرِيَّةِ (البينة/ ٧ مدنية) .

الثّالث: بمعنى التّوحيد وكلمة الإيمان كما في قوله تعالى: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ (المائدة/ ٥ مدنية) . أي يكفر بكلمة التّوحيد.

الرّابع: إيمان يخالطه شرك ويلابسه. كما في قوله تعالى: وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (يوسف/ ١٠٦ مكية) . فهم مؤمنون موحّدون توحيد الرّبوبيّة مشركون في توحيد الألوهيّة والأسماء والصّفات.

الخامس: بمعنى الصّلاة كما في قوله تعالى:

وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ (البقرة/ ١٤٣ مدنية) .

أي صلاتكم «١» .

وقال أبو القاسم (الرّاغب) : الإيمان يستعمل تارة (في القرآن) اسما للشّريعة الّتي جاء بها محمّد صلّى الله عليه وسلّم ويوصف به كلّ من دخل في شريعته، مقرّا باللهو بنبوّته، وتارة يستعمل على سبيل المدح، ويراد به إذعان النّفس للحقّ على سبيل التّصديق، وذلك باجتماع ثلاثة أشياء: تحقيق (تصديق) بالقلب، وإقرار باللّسان، وعمل بحسب ذلك بالجوارح، ويقال لكلّ واحد من الاعتقاد، والقول الصّادق والعمل الصّالح:

إيمان، إلّا أنّ الإيمان هو التّصديق الّذي يحصل معه الأمن «٢» .

وقد جعل ابن الجوزيّ الإذعان للحقّ على سبيل التّصديق وجها مستقلّا أطلق عليه «الإيمان الشّرعيّ» ، وهو ما جمع الأركان الثّلاثة المذكورة؛ وهي الإقرار والاعتقاد والعمل بمقتضى ذلك، ومثّل لذلك بقوله تعالى: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ (البقرة/ ٢٥) ، ثمّ ذكر وجها سابعا عن بعض المفسّرين هو الدّعاء ومثّل له بقوله تعالى ... إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا (يونس/ ٩٨) أي دعوا «٣» .

ونخلص من ذلك إلى أنّ لفظ «الإيمان» وما اشتقّ منه قد ورد في القرآن الكريم على أوجه هي:

١- الإقرار.

٢- التّصديق.

٣- التّوحيد.

٤- إيمان يخالطه شرك.

٥- الصّلاة.

٦- الإيمان الشّرعيّ وهو ما جمع بين الإقرار والتّصديق والعمل بمقتضاهما.

٧- الدّعاء.

وفيما يتعلّق بالسّياق اللّغويّ «٤» الّذي ورد فيه اللّفظ وجدناه، إمّا أن يرد مفردا، وإمّا أن يقترن بالإسلام أو العمل الصّالح أو العلم أو بأصحاب الدّيانات الأخرى «٥» أو بما ينبغي الإيمان به، وسنحاول تصنيف الآيات الّتي ورد فيها لفظ الإيمان بمراعاة الأمرين جميعا قدر الإمكان. (انظر ص ٦٥٢) .


(١) بصائر ذوي التمييز للفيروز ابادي (٣/ ١٥٠) .
(٢) المرجع السابق (٣/ ١٥١) نقلا عن الراغب الأصفهاني في المفردات.
(٣) نزهة الأعين النواظر (١٤٦) .
(٤) المراد بالسياق اللغوي جملة الألفاظ التي أحاطت باللفظ عند استخدامه في الجملة.
(٥) انظر ما نقلناه آنفا عن شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (١٧/ ١٣) .