للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رضي الله عنهما- قال: كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سفر.

إذ نادى منادي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الصّلاة جامعة.

فاجتمعنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال: «إنّه لم يكن نبيّ قبلي إلّا كان حقّا عليه أن يدلّ أمّته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شرّ ما يعلمه لهم. وإنّ أمّتكم هذه جعل عافيتها في أوّلها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتنة فيرقّق بعضها بعضا «١» ، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي ثمّ تنكشف، وتجىء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه. فمن أحبّ أن يزحزح عن النّار ويدخل الجنّة فلتأته منيّته وهو يؤمن بالله واليوم الاخر وليأت إلى النّاس الّذي يحبّ أن يؤتى إليه «٢» ومن بايع إماما، فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع. فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الاخر» ) * «٣» .

٤٧-* (عن النّعمان بن بشير- رضي الله عنهما- قال: كنت عند منبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال رجل: ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد الإسلام إلّا أن أسقي الحاجّ.

وقال آخر ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد الإسلام إلّا أن أعمر المسجد الحرام. وقال آخر: الجهاد في سبيل الله أفضل ممّا قلتم. فزجرهم عمر وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يوم الجمعة.

ولكن إذا صلّيت الجمعة دخلت فاستفتيته فيما اختلفتم فيه. فأنزل الله عزّ وجلّ: أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ (التوبة/ ١٩) » ) * «٤» .

٤٨-* (عن عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه- قال: لمّا كان يوم خيبر أقبل نفر من صحابة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: فلان شهيد. حتّى مرّوا على رجل فقالوا فلان شهيد. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كلّا إنّي رأيته في النّار في بردة غلّها أو عباءة «٥» » ، ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يا ابن الخطّاب: «اذهب فناد في النّاس أنّه لا يدخل الجنّة إلّا المؤمنون» . قال فخرجت فناديت «ألا إنّه لا يدخل الجنّة إلّا المؤمنون» ) * «٦» .

٤٩-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: لمّا نزلت هذه الاية: وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ... الاية (البقرة/ ٢٨٤) . قال:

دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من قبل. فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «قولوا سمعنا وأطعنا وسلّمنا» قال: فألقى الله الإيمان في قلوبهم فأنزل الله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا (قال: قد فعلت) رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً «٧» كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا (قال: قد فعلت) وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا (البقرة/ ٢٨٦) (قال: قد فعلت» ) * «٨» .


(١) يرقق بعضها بعضا: أي يشبه بعضها بعضا، أو يدور بعضها في بعض.
(٢) يأتي إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه، أي يعاملهم بمثل ما يحبّ أن يعامل به.
(٣) مسلم (١٨٤٤) .
(٤) مسلم (١٨٧٩) .
(٥) بردة غلّها: أي أخذها غلولا والغلول هو الخيانة في الغنيمة خاصة أو هي الخيانة في كل شيء.
(٦) مسلم (١١٤) .
(٧) الإصر: الأمر الشديد الثقيل.
(٨) مسلم (١٢٦) . وروى البخاري نحوه من حديث ابن عمر- رضي الله عنهما- الفتح ٨ (٥٤٥٤) .