للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد أبدلك الله به مقعدا من الجنّة، فيراهما جميعا» . قال قتادة: وذكر لنا أنّه يفسح له في قبره. ثمّ رجع إلى حديث أنس، قال: «وأمّا المنافق والكافر فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرّجل؟ فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول النّاس. فيقول: لا دريت ولا تليت.

ويضرب بمطارق من حديد ضربة، فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثّقلين» ) * «١» .

٨٦-* (عن هانىء مولى عثمان بن عفّان رضي الله عنه- قال: كان عثمان- رضي الله عنه- إذا وقف على قبر بكى، حتّى يبلّ لحيته، فقيل له: تذكر الجنّة والنّار فلا تبكي، وتذكر القبر فتبكي؟ فقال: إنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «القبر أوّل منزل من منازل الاخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشدّ منه» قال: وسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ما رأيت منظرا قطّ إلّا القبر أفظع «٢» منه» ) * «٣» .

٨٧-* (عن البراء بن عازب عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ (إبراهيم/ ٢٧) قال: نزلت في عذاب القبر، فيقال له:

من ربّك؟ فيقول: ربّي الله ونبيّي محمّد صلّى الله عليه وسلّم فذلك قوله عزّ وجلّ- يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ» ) * «٤» .

٨٨-* (عن البراء بن عازب- رضي الله عنهما- قال: خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولمّا يلحد بعد، فجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجلسنا حوله كأنّما على رؤوسنا الطّير، وبيده عود ينكت «٥» به في الأرض، فرفع رأسه فقال:

«استعيذوا بالله من عذاب القبر مرّتين، أو ثلاثا» . زاد في رواية: وقال: «إنّ الميّت ليسمع خفق نعالهم إذا ولّوا مدبرين حين يقال له: يا هذا، من ربّك؟ وما دينك؟

ومن نبيّك؟» .

وفي رواية: «ويأتيه ملكان، فيجلسانه، فيقولان له: من ربّك؟ فيقول: ربّي الله، فيقولان له: ما دينك؟

فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرّجل الّذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله، فيقولان له:

وما يدريك؟ فيقول: قرأت كتاب الله، فامنت به، وصدّقت» .

زاد في رواية: فذاك قوله: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ (إبراهيم/ ٢٧) ثمّ اتّفقا: فينادي مناد من السّماء: أن قد صدق عبدي، فأفرشوه من الجنّة، وألبسوه من الجنّة، وافتحوا له بابا إلى الجنّة، فيأتيه من روحها وطيبها، ويفتح له في قبره مدّ بصره، وإنّ الكافر ... فذكر موته، قال: وتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان، فيجلسانه، فيقولان له: من


(١) البخاري- الفتح ٣ (١٣٧) واللفظ له، ومسلم (٢٨٧٠) .
(٢) أفظع: الفظيع: الشديد الشنيع.
(٣) أخرجه الترمذي (٢٣٠٩) قال محقق جامع الأصول (١١/ ١٦٥) : إسناده حسن. وزاد رزين: قال هانىء: وسمعت عثمان ينشد على قبر:
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة ... وإلا فإني لا إخالك ناجيا
وهذا من قوة إيمانه رضي الله عنه.
(٤) مسلم (٢٨٧١) واللفظ له، والبخاري- الفتح ٣ (١٣٦٩) .
(٥) ينكت: نكت في الأرض بيده وبقضيب: إذا أثر فيها بذلك.