للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال رجل منهم: قد عملت حسنة مرّة كان لي أجراء يعملون فجاءني عمّال لي فاستأجرت كلّ رجل منهم بأجر معلوم فجاءني رجل ذات يوم وسط النّهار فاستأجرته بشطر أصحابه فعمل في بقيّة نهاره كما عمل كلّ رجل منهم في نهاره كلّه فرأيت عليّ في الذّمام أن لا أنقصه ممّا استأجرت به أصحابه لمّا جهد في عمله، فقال رجل منهم: أتعطي هذا مثل ما أعطيتني ولم يعمل إلّا نصف نهار؟، فقلت: يا عبد الله، لم أبخسك شيئا من شرطك وإنّما هو مالي أحكم فيه ما شئت، قال فغضب وذهب وترك أجره، قال: فوضعت حقّه في جانب البيت ما شاء الله ثمّ مرّت بي بعد ذلك بقر فاشتريت به فصيلة من البقر فبلغت ما شاء الله، فمرّ بي بعد حين شيخا ضعيفا لا أعرفه فقال: إنّ لي عندك حقّا فذكّرنيه حتّى عرفته، فقلت: إيّاك أبغي هذا حقّك فعرضتها عليه جميعا، فقال: يا عبد الله، لا تسخر بي إن لم تصدّق عليّ فأعطني حقّي، قال: والله لا أسخر بك إنّها لحقّك ما لي منها شيء فدفعتها إليه جميعا، اللهمّ، إن كنت فعلت ذلك لوجهك فافرج عنّا. قال: فانصدع الجبل حتّى رأوا منه وأبصروا. قال الاخر: قد عملت حسنة مرّة، كان لي فضل فأصابت النّاس شدّة فجاءتني امرأة تطلب منّي معروفا، قال: فقلت والله ما هو دون نفسك فأبت عليّ، فذهبت ثمّ رجعت فذكّرتني بالله فأبيت عليها وقلت:

لا والله ما هو دون نفسك فأبت عليّ وذهبت فذكرت لزوجها فقال لها: أعطيه نفسك، وأغني عيالك، فرجعت إليّ فناشدتني بالله فأبيت عليها، وقلت: والله ما هو دون نفسك فلمّا رأت ذلك أسلمت إليّ نفسها فلمّا تكشّفتها وهممت بها ارتعدت من تحتي فقلت لها: ما شأنك، قالت: أخاف الله ربّ العالمين، قلت لها: خفتيه «١» في الشّدّة ولم أخفه في الرّخاء فتركتها وأعطيتها ما يحقّ عليّ بما تكشّفتها، اللهمّ، إن كنت فعلت ذلك لوجهك فافرج عنّا، قال: فانصدع حتّى عرفوا وتبيّن لهم. قال الاخر: وعملت حسنة مرّة، كان لي أبوان شيخان كبيران، وكانت لي غنم فكنت أطعم أبويّ وأسقيهما، ثمّ رجعت إلى غنمي قال:

فأصابني يوما غيث حبسني فلم أبرح حتّى أمسيت فأتيت أهلي وأخذت محلبي فحلبت وغنمي قائمة فمضيت إلى أبويّ فوجدتهما قد ناما، فشقّ عليّ أن أوقظهما، وشقّ عليّ أن أترك غنمي، فما برحت جالسا ومحلبي على يدي حتّى أيقظهما الصّبح فسقيتهما اللهمّ، إن كنت فعلت ذلك لوجهك فافرج عنّا» ، قال النّعمان: لكأنّي أسمع هذه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال الجبل: طاق ففرّج الله عنهم فخرجوا) * «٢» .


(١) خفتيه: هكذا رواية أحمد، واللغة ترى أن يكون بغير ياء هكذا (خفته) .
(٢) البخاري- الفتح ٤ (٢٢١٥) ، مسلم (٢٧٤٣) ، أحمد (٤/ ٢٧٤) وهذا لفظ أحمد.