للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت يا رسول الله أيّ الأعمال أفضل؟ قال:

«الإيمان بالله، والجهاد في سبيله» . قال قلت: أيّ الرّقاب أفضل؟ قال: «أنفسها عند أهلها، وأكثرها ثمنا» . قال: قلت: فإن لم أفعل؟ قال: تعين صانعا أو تصنع لأخرق «١» » . قال قلت: يا رسول الله، أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل؟ قال: «تكفّ شرّك عن النّاس، فإنّها صدقة منك على نفسك» ) *» .

١٣-* (عن أبي موسى- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «على كلّ مسلم صدقة» فقالوا: يا نبيّ الله، فمن لم يجد؟ قال: «يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدّق» قالوا: فإن لم يجد؟ قال: يعين ذا الحاجة الملهوف» قالوا: فإن لم يجد؟ قال: «فليعمل بالمعروف، وليمسك عن الشّرّ فإنّها له صدقة» ) * «٣» .

١٤-* (عن ربيعة بن كعب الأسلميّ رضي الله عنه- قال: كنت أبيت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي: «سل» . فقلت: أسألك مرافقتك في الجنّة. قال: «أو غير ذلك؟» قلت: هو ذاك. قال «فأعنّي على نفسك بكثرة السّجود» ) * «٤» .

١٥-* (عن سلمان- رضي الله عنه- قال:

كنت رجلا فارسيّا من أهل أصبهان من أهل قرية منها يقال لها جيّ وكان أبي دهقان «٥» قريته وكنت أحبّ خلق الله إليه فلم يزل به حبّه إيّاي حتّى حبسني في بيته كما تحبس الجارية واجتهدت في المجوسيّة حتّى كنت قطن النّار «٦» الّذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة قال وكانت لأبي ضيعة عظيمة قال فشغل في بنيان له يوما فقال لي يا بنيّ إنّي قد شغلت في بنيان هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب فاطّلعها وأمرني فيها ببعض ما يريد فخرجت أريد ضيعته فمررت بكنيسة من كنائس النّصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلّون وكنت لا أدري ما أمر النّاس لحبس أبي إيّاي في بيته فلمّا مررت بهم وسمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون قال فلمّا رأيتهم أعجبني صلاتهم ورغبت في أمرهم وقلت هذا والله خير من الدّين الّذي نحن عليه فو الله ما تركتهم حتّى غربت الشّمس وتركت ضيعة أبي ولم آتها فقلت لهم أين أصل هذا الدّين قالوا بالشّام قال ثمّ رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كلّه قال فلمّا جئته قال أي بنيّ أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت قال قلت يا أبت مررت بناس يصلّون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم فو الله ما زلت عندهم حتّى غربت الشّمس قال: أي بنيّ ليس في ذلك الدّين خير. دينك ودين آبائك خير منه، قال قلت: كلّا والله إنّه خير من ديننا. قال: فخافني فجعل في رجلي قيدا ثمّ حبسني في بيته. قال: وبعثت إلى النّصارى فقلت لهم إذا قدم


(١) الأخرق: الجاهل والأحمق، أي تعليمه صنعة يتكسب منها.
(٢) البخاري- الفتح ٥ (٢٥١٨) . ومسلم (٨٤) واللفظ له.
(٣) البخاري- الفتح ٣ (١٤٤٥) . ومسلم (١٠٠٨) .
(٤) مسلم (٤٨٩) .
(٥) الدهقان: كلمة فارسية ومعناها التاجر.
(٦) قطن النار: أي خازنها وخادمها الذي يوقدها.