للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي كم بلغت، وقد قامت الأمة مائة دينار أي: بلغ قيمتها مائة دينار «١» ، وفي الحديث: قالوا يا رسول الله لو قوّمت لنا، فقال: الله هو المقوّم أي لو سعّرت لنا، وهو من قيمة الشيء، والمراد حددت لنا قيمتها «٢» .

وقد ورد لفظ «قيم» أيضا مرادا به جمع قامة، وذلك مثل تارات وتير، وذلك كما في قول الراجز:

واختلفت أمراسه وقيمه

كما ورد أيضا مصدرا لقام، مثل الصغر والكبر، ومعناه حينئذ الاستقامة، وذلك كما في قول كعب بن زهير:

فهم ضربوكم حين جرتم على الهدى ... بأسيافهم حتى استقمتم على القيم

وقال حسان:

وأشهد أنك عند الملي ... ك، أرسلت حقا بدين قيم

قال الزجاج: القيم مصدر بمعنى الاستقامة «٣» .

ومن ذلك «القيم» في قوله عز وجل: دِيناً قِيَماً (الأنعام/ ١٦١) قال القرطبي في تفسيره: قرأه الكوفيون وابن عامر «قيما» وهو مصدر كالشبع فوصف به «٤» ، (كما يقال رجل عدل) ، وقرأ الباقون «قيما» ، ومعناه: دينا مستقيما لا عوج فيه «٥» ، قال الراغب دِيناً قِيَماً: أي ثابتا مقوما لأمور معاشهم ومعادهم «٦» ، أما قوله عز وجل: وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (البينة/ ٥) . فقد قال ابن كثير في تفسيرها: دين الملة القائمة العادلة أو الأمة المستقيمة المعتدلة «٧» ، وقيل المراد دين الكتب القيّمة «٨» ، أما وصف الكتب بأنها قيمة فمعناه كما قال الماوردي: كتب الله المستقيمة التي جاء القرآن بذكرها وثبت فيه صدقها، أو فروض الله (المكنونة) العادلة «٩» .

ولعل أقرب الاستعمالات اللغوية إلى القيم بمعناها السائد الآن هو ما ذكره صاحب القاموس من قولهم:


(١) لسان العرب ١٢/ ٥٠٠.
(٢) النهاية لابن الأثير ٤/ ١٢٤.
(٣) لسان العرب ١٢/ ٥٠٢- ٥٠٣ (باختصار وتصرف) .
(٤) ويراد بذلك دينا ذا استقامة.
(٥) تفسير القرطبي ٧/ ١٥٢.
(٦) المفردات للراغب ص ٤١٧.
(٧) تفسير ابن كثير ٤/ ٥٧٤، وهو يشير بالمعنى الأول إلى أن قيمة صفة المحذوف هو الملة، وبالثاني إلى أن المحذوف هو الأمة.
(٨) هذا وجه ثالث نقله القرطبي عن محمد الطالقان، وهو يشير بذلك إلى ما جاء في الآية الثالثة من السورة الكريمة فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ انظر: تفسير القرطبي ٢٠/ ١٤٤.
(٩) النكت والعيون ٦/ ٣١٦.