للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحرام فقال أوّلهم: أيهم هو؟ فقال أوسطهم هو خيرهم، فقال أحدهم خذوا خيرهم فكانت تلك اللّيلة فلم يرهم حتّى أتوه ليلة أخرى فيما يرى قلبه وتنام عينه ولا ينام قلبه، وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم، فلم يكلّموه حتّى احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم، فتولّاه منهم جبريل فشقّ جبريل ما بين نحره إلى لبّته حتّى فرغ من صدره وجوفه فغسله من ماء زمزم بيده حتّى أنقى جوفه ثمّ أتى بطست من ذهب فيه تور من ذهب محشوّا إيمانا وحكمة، فحشا به صدره ولغاديده- يعني عروق حلقه- ثمّ أطبقه ثمّ عرج به إلى السّماء الدّنيا فضرب بابا من أبوابها فناداه أهل السّماء، من هذا؟ فقال جبريل، قالوا ومن معك؟ قال: معي محمّد، قالوا: وقد بعث؟ قال:

نعم، قالوا: فمرحبا به وأهلا، فيستبشر به أهل السّماء لا يعلم أهل السّماء بما يريد الله به في الأرض حتّى يعلمهم فوجد في السّماء الدّنيا آدم فقال له جبريل: هذا أبوك فسلّم عليه فسلّم عليه وردّ عليه آدم وقال: مرحبا وأهلا يا بنيّ نعم الابن أنت. فإذا هو في السّماء الدّنيا بنهرين يطّردان، فقال: ما هذان النّهران يا جبريل؟ قال: هذان النّيل والفرات عنصرهما ثمّ مضى به في السّماء فإذا بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب يده فإذا هو مسك أذفر قال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الّذي خبّأ لك ربّك ثمّ عرج إلى السّماء الثّانية فقالت الملائكة له مثل ما قالت له الأولى، من هذا؟ قال: جبريل، قالوا: ومن معك؟

قال: محمّد صلّى الله عليه وسلّم، قالوا: وقد بعث إليه؟ قال: نعم، قالوا: مرحبا به وأهلا. ثمّ عرج به إلى السّماء الثّالثة وقالوا له مثل ما قالت الأولى والثّانية، ثمّ عرج به إلى الرّابعة فقالوا له مثل ذلك، ثمّ عرج به إلى السّماء الخامسة فقالوا مثل ذلك، ثمّ عرج به إلى السّادسة فقالوا له مثل ذلك، ثمّ عرج به إلى السّماء السّابعة فقالوا له مثل ذلك كلّ سماء فيها أنبياء قد سمّاهم فوعيت منهم إدريس في الثّانية وهارون في الرّابعة وآخر في الخامسة لم أحفظ اسمه، وإبراهيم فى السّادسة وموسى في السّابعة بفضل كلامه لله، فقال موسى: ربّ لم أظنّ أن ترفع عليّ أحدا ثمّ علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلّا الله، حتّى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبّار ربّ العزّة فتدلىّ حتّى كان منه قاب قوسين أو أدنى فأوحى الله فيما أوحى خمسين صلاة على أمّتك كلّ يوم وليلة ثمّ هبط حتّى بلغ موسى فاحتبسه موسى فقال يا محمّد: ماذا عهد إليك ربّك قال عهد إليّ خمسين صلاة كلّ يوم وليلة، قال: إنّ أمّتك لا تستطيع ذلك فارجع فليخفّف عنك ربّك وعنهم فالتفت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى جبريل كأنّه يستشيره في ذلك فأشار إليه جبريل أن نعم، إن شئت فعلا به إلى الجبّار، فقال وهو مكانه يا ربّ خفّف عنّا فإنّ أمّتي لا تستطيع هذا فوضع عنه عشر صلوات ثمّ رجع إلى موسى فاحتبسه فلم يزل يردّده موسى إلى ربّه حتّى صارت إلى خمس صلوات ثمّ احتبسه موسى عند الخمس فقال: يا محمّد، والله لقد راودت بني إسرائيل قومي على أدنى من هذا فضعفوا فتركوه، فأمّتك أضعف أجسادا وقلوبا وأبدانا وأبصارا وأسماعا، فارجع فليخفّف عنك