للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جهد البلاء، ودرك الشّقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء» ) * «١» .

٢٠-* (عن سعد بن أبي وقّاص- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «دعوة ذي النّون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلّا أنت سبحانك إنّي كنت من الظّالمين. إنّه لم يدع بها مسلم في شيء قطّ إلّا استجاب الله له بها» ) * «٢» .

٢١-* (عن سليمان التّيميّ، عن أبيه، قال:

كنّا عند حذيفة، فقال رجل: لو أدركت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قاتلت معه وأبليت «٣» . فقال حذيفة: أنت كنت تفعل ذلك؟ لقد رأيتنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلة الأحزاب، وأخذتنا ريح شديدة وقرّ «٤» . فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ألا رجل يأتيني بخبر القوم، جعله الله معي يوم القيامة؟» فسكتنا، فلم يجبه منّا أحد. ثمّ قال: «ألا رجل يأتينا بخبر القوم، جعله الله معي يوم القيامة؟» فسكتنا، فلم يجبه منّا أحد. فقال: «قم. يا حذيفة فأتنا بخبر القوم» فلم أجد بدّا، إذ دعاني باسمي أن أقوم.

قال: «اذهب. فأتني بخبر القوم. ولا تذعرهم عليّ «٥» » فلمّا ولّيت من عنده جعلت كأنّما أمشي في حمّام «٦» .

حتّى أتيتهم. فرأيت أبا سفيان يصلي ظهره «٧» بالنّار.

فوضعت سهما في كبد القوس «٨» . فأردت أن أرميه فذكرت قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ولا تذعرهم عليّ» ولو رميته لأصبته. فرجعت وأنا أمشي في مثل الحمّام. فلمّا أتيته فأخبرته بخبر القوم، وفرغت، قررت «٩» . فألبسني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من فضل عباءة «١٠» كانت عليه يصلّي فيها. فلم أزل نائما حتّى أصبحت «١١» . فلمّا أصبحت


(١) أخرجه رزين، قاله محقق الجامع (٤/ ٢٩٥) وهذا لفظ جامع الأصول وأصله عند البخاري ١١ (٦٣٤٧) . ومسلم (٢٧٠٧) . دون قوله: «كان إذا حذبه أمر يدعو» .
(٢) ذكره الحاكم في المستدرك (١/ ٥٠٥) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
(٣) وأبليت: أي بالغت في نصرته. كأنه أراد الزيادة على نصرة الصحابة.
(٤) وقر: القر هو البرد.
(٥) ولا تذعرهم علي: أي لا تفزعهم علي ولا تحركهم علي. وقيل: معناه لا تنفرهم وهو قريب من المعنى الأول. والمراد لا تحركهم عليك. فإنهم، إن أخذوك، كان ذلك ضررا علي؛ لأنك رسولي وصاحبي.
(٦) كأنما أمشي في حمام: يعني أنه لم يجد البرد الذي يجده الناس، ولا من تلك الريح الشديدة، شيئا بل عافاه الله منه ببركة إجابته النبي صلّى الله عليه وسلّم وذهابه فيما وجهه له، ودعائه صلّى الله عليه وسلّم له. واستمر ذلك اللطف به ومعافاته من البرد حتى عاد إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم. فلما عاد ووصل عاد إليه البرد الذي يجده الناس. ولفظ الحمام عربية، وهو مذكر مشتق من الحميم، وهو الماء الحار.
(٧) يصلي ظهره: أي يدفئه ويدنيه منها. وهو الصلا، بفتح الصاد والقصر. والصلاء، بكسرها والمد.
(٨) كبد القوس: هو مقبضها. وكبد كل شيء وسطه.
(٩) قررت أي بردت. وهو جواب فلما أتيته.
(١٠) عباءة: العباءة والعباية، بزيادة ياء، لغتان مشهورتان معروفتان. قال في المنجد: العباءة كساء مفتوح من قدام يلبس فوق الثياب.
(١١) أصبحت: أي طلع علي الفجر.