للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقبلها بما فيها» «١» .

أيا كان الأمر فقد منح الإنسان ما يساعده على القيام بمهمة التكليف، ويمكن عرض ذلك بإيجاز فيما يلى:

١- الإنسان غاية حياته تحقيق وظائف الاستخلاف في الأرض: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً «٢» ، وقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ «٣» .

٢- الإنسان وحده من بين سائر الكائنات هو المخصوص بالكرامة والتكريم وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا «٤» .

والفعل المختص بالإنسان ثلاثة:

أ- عمارة الأرض المذكورة في قوله تعالى: وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها «٥» وذلك تحصيل ما به تزجية المعاش وغيره.

ب- وعبوديته لله المذكورة في قوله تعالى: وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ «٦» وذلك هو طاعة الله- عز وجل- في عبادته، في أوامره ونواهيه.

ج- استخلافه المذكور في قوله تعالى: وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ «٧» وغيره من الآيات، وذلك هو الطاعة للباري سبحانه على قدر طاقة البشر في السياسة بامتثال الأوامر واجتناب النواهي واستعمال مكارم الشريعة، ومكارم الشريعة هى الحكمة، والقيام بالعدالة بين الناس في الحكم، والإحسان، والفضل، والقصد منها أن يبلغ الإنسان إلى جنة المأوى، وجوار رب العزة تبارك وتعالى «٨» .

٣- على هذا الأساس وهب الإنسان استعدادات وقدرات ومواهب تؤهله للقيام بتلك الوظيفة سواء المادية والمعنوية، وهما جماع الذات الإنسانية، وبهما تتم حياة الإنسان، ويعود الاهتمام بالجانب المادي إلى أنه وعاء الشخصية الإنسانية، ومن هنا تأتي علاقة الإنسان المادية بالأشياء طبيعية، إذ أنها مفطورة في جبلته «٩» . وهو بهذا قادر على المشى في الأرض، والسعي فيها، وتعميرها وتحسينها، ولو كان الإنسان روحا محضا ما وجدت لديه الدافعية الحافزة له على استخدام المادة والسير في مناكب الأرض، وممارسة معطياتها «١٠» .


(١) الإمام أبو الفداء إسماعيل بن كثير: تفسير ابن كثير ط ١، مكتبة الرياض الحديثة، دار الفكر ١٤٠٠ هـ/ ١٩٨٠ م ج ٣، ص ٥٢٣.
(٢) البقرة: ٣٠.
(٣) الأنعام: ١٦٥.
(٤) الإسراء: ٧٠.
(٥) هود: ٦١.
(٦) الذاريات: ٥٦.
(٧) الأعراف: ١٢٩.
(٨) الراغب الأصفهانى، الذريعة إلى مكارم الشريعة، ط ١، بيروت، دار الكتب العلمية، ١٩٨٠ م، ص ٣٢.
(٩) اقرأ: سورة ص: ٧١.
(١٠) راجع: يوسف القرضاوى، الخصائص العامة للإسلام، ط ١، القاهرة، مكتبة وهبة، ١٣٩٧ هـ/ ١٩٧٧ م، ص ١٣٥.