التزام المجتمع بنصر الله من ناحية ونصرة بعضهم البعض من ناحية أخرى يؤدّي حتما إلى ظفر المسلمين وظهورهم على عدوّهم تحقيقا لوعده عزّ وجلّ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ونصر المسلم لربّه يكون بتقديم العون لأخيه المسلم، وقيامه بحفظ حدود الله واجتنابه لمعاصيه، وفي هذه الحالة فقط؛ فإنّ عليه أن يتيقّن من نصر الله له لأنّ التّناصر تفاعل من الجانبين، فإذا حدث أحدهما حدث الآخر لا محالة، وممّا لا يشكّ فيه كذلك أنّ نصر المسلم لأخيه بتقديم العون له إن كان مظلوما، وردعه عن ظلمه إن كان ظالما، يثبّت دعائم المجتمع الإسلاميّ. فتسود فيه روح التّعاون والألفة، واحترام الحقوق، والتزام الواجبات، وتكون محصّلة ذلك مجتمعا قويّا متآلفا لا شحناء فيه ولا بغضاء ممّا يجعل نسيج الأمّة كالبنيان يشدّ بعضه بعضا.
إنّ الأخذ بيد المظلوم، والضّرب على يد الظّالم يؤدّي إلى نجاة المجتمع بأسره ووصوله إلى برّ الأمان.
إنّ ما ينطبق على الأفراد فيما يتعلّق بالتّناصر ينطبق أيضا على الدّول الّتي تدين بالإسلام، فإذا ظلمت دولة وجدت من الدّول كافّة ما يقدّم لها العون والمساعدة حتّى يتحقّق لها النّصر على البغاة والظّالمين، وإذا كان الباغي مسلما فعليه أن يتيقّن أنّ ردعه عن ظلمه ما هو إلّا نصرة له وقيام بتنفيذ أمر الله حتّى يفيء إلى الحقّ والعدل. إنّ التّناصر هو صفة المسلمين أفرادا وجماعات ودولا، أمّا أن ينكفأ كلّ فرد أو كلّ دولة على شأنه الخاصّ؛ فإنّ ذلك كفيل بتعرّض الجميع للضّياع ولن يفيد في هذه الحالة أن يتّصف هذا أو ذاك بالإسلام، لأنّ الإسلام الحقيقيّ يقتضي تنفيذ ما أمر الله به، ومن ذلك تحقيق التّناصر فيما بين المسلمين بعضهم وبعض من ناحية وفيما بينهم وبين ربّهم من ناحية أخرى.
[للاستزادة: انظر صفات: الإخاء- الإغاثة- التعاون على البر والتقوى- تفريج الكربات- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- المواساة- الاجتماع- الألفة- المحبة.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: التخاذل- الأثرة- التهاون- التفرق- التنازع- الفتنة- الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف- البغض] .