للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاء بك؟ قال: جئت في نصرك، قال: اخرج إلى النّاس فاطردهم عنّي فإنّك خارجا خير لي منك داخلا، فخرج عبد الله إلى النّاس فقال: أيّها النّاس، إنّه كان اسمي في الجاهليّة فلان فسمّاني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عبد الله، ونزل فيّ آيات من كتاب الله. نزلت فيّ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (الأحقاف/ ١٠) ، ونزلت فيّ قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (الرعد/ ٤٣) إنّ لله سيفا مغمودا عنكم، وإنّ الملائكة قد جاورتكم في بلدكم هذا الّذي نزل فيه نبيّكم، فالله الله في هذا الرّجل أن تقتلوه، فو الله إن قتلتموه، لتطردنّ جيرانكم الملائكة ولتسلّنّ سيف الله المغمود عنكم فلا يغمد إلى يوم القيامة، قال: فقالوا: اقتلوا اليهوديّ واقتلوا عثمان) * «١» .

٤-* (لمّا ضرب ابن ملجم- لعنه الله- عليّا- رضي الله عنه- دخل منزله فاعترته غشية، ثمّ أفاق فدعا الحسن والحسين- رضي الله تعالى عنهما- وقال: أوصيكما بتقوى الله تعالى والرّغبة في الآخرة والزّهد في الدّنيا ولا تأسفا على شيء فاتكما منها، فإنّكما عنها راحلان، افعلا الخير وكونا للظّالم خصما، وللمظلوم عونا، ثمّ دعا محمّدا ولده وقال له: أما سمعت ما أوصيت به أخويك، قال: بلى. قال: فإنّي أوصيك به) * «٢» .

٥-* (قال الشّيخ أبو بكر الطّرطوشيّ «٣» رحمة الله تعالى عليه- دخلت على الأفضل بن أمير الجيوش، وهو أمير على مصر فقلت: السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فردّ السّلام على نحو ما سلّمت ردّا جميلا، وأكرمني إكراما جزيلا، أمرني بدخول مجلسه وأمرني بالجلوس فيه، فقلت: أيّها الملك إنّ الله تعالى قد أحلّك محلّا عليّا شامخا، وأنزلك منزلا شريفا باذخا، وملّكك طائفة من ملكه، وأشركك في حكمه، ولم يرض أن يكون أمر أحد فوق أمرك، فلا ترض أن يكون أحد أولى بالشّكر منك، وليس الشّكر باللّسان، وإنّما هو بالفعال والإحسان، قال الله تعالى: اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً (سبأ/ ١٣) واعلم أنّ هذا الّذي أصبحت فيه من الملك إنّما صار إليك بموت من كان قبلك، وهو خارج عنك بمثل ما صار إليك، فاتّق الله فيما خوّلك من هذه الأمّة فإنّ الله تعالى سائلك عن الفتيل والنّقير والقطمير «٤» ، قال الله تعالى: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (الحجر/ ٩٢- ٩٣) وقال تعالى: وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ


(١) الترمذي (٣٢٥٦ و٣٨٠٣)) ، وقال: هذا حديث حسن غريب.
(٢) المستطرف (١/ ١٢٣) .
(٣) هو محمد بن الوليد بن محمد بن خلف الرشي الفهري الأندلسي- أبو بكر- الطرطوشي، ويقال له ابن أبي رندقة، أديب من فقهاء المالكية، الحفاظ، من أهل طرطوشة بشرقي الأندلس، رحل إلى المشرق سنة (٤٧٦ هـ) من كتبه: سراج الملوك، والفتن، والحوادث والبدع، وغيرها، توفي سنة (٥٢٠ هـ/ ١١٢٦ م) .
(٤) القطمير: القطمير بكسر القاف هو شق النواة، أو القشرة التي فيها، أو القشرة الرقيقة بين النواة والتمرة أو النكتة البيضاء في ظهرها. والنقير: النكتة في ظهر النواة.