للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أرأيت من عمل الذّنوب كلّها ولم يترك منها شيئا، وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا داجة «١» إلّا أتاها، فهل لذلك من توبة؟ قال: «فهل أسلمت» . قال: أمّا أنا فأشهد أن لا إله إلّا الله وأنّك رسول الله، قال: «تفعل الخيرات وتترك السّيّئات فيجعلهنّ الله لك خيرات كلّهنّ» قال: وغدراتي وفجراتي. قال: «نعم» قال: الله أكبر فما زال يكبّر حتّى توارى) * «٢» .

١٨-* (عن أبي موسى الأشعريّ- رضي الله عنه- قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يسمّي لنا نفسه أسماء، فقال: «أنا محمّد، وأحمد، والمقفّي «٣» ، والحاشر، ونبيّ التّوبة»

، ونبيّ الرّحمة» ) * «٥» .

١٩-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا. فسأل عن أعلم أهل الأرض فدلّ على راهب فأتاه، فقال: إنّه قتل تسعة وتسعين نفسا، فهل له من توبة؟ فقال: لا.

فقتله فكمّل به مائة، ثمّ سأل عن أعلم أهل الأرض فدلّ على رجل عالم، فقال: إنّه قتل مائة نفس، فهل له من توبة؟ فقال: نعم. ومن يحول بينه وبين التّوبة.

انطلق إلى أرض كذا وكذا فإنّ بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنّها أرض سوء، فانطلق حتّى إذا نصف «٦» الطّريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرّحمة وملائكة العذاب.

فقالت ملائكة الرّحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنّه لم يعمل خيرا قطّ.

فأتاهم ملك في صورة آدميّ فجعلوه بينهم فقال:

قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيّتهما كان أدنى فهو له.

فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض الّتي أراد. فقبضته ملائكة الرّحمة» ) * «٧» .

٢٠-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كلّ ابن آدم خطّاء وخير الخطّائين التّوابون» ) * «٨» .

٢١-* (عن صفوان بن عسّال المراديّ رضي الله عنه- أنّه جاءه زرّ بن حبيش فقال:

ما جاء بك؟ قلت: ابتغاء العلم. قال: بلغني أنّ الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يفعل، قال: قلت: إنّه حاك- أو قال: حكّ- في نفسي شيء من المسح على الخفّين. فهل حفظت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيه شيئا؟ قال: نعم، كنّا إذا كنّا في سفر أو مسافرين أمرنا أن لا نخلع خفافنا ثلاثا إلّا من جنابة،


(١) الداجة: الحاجة الكبيرة.
(٢) ذكره في الترغيب والترهيب وقال: رواه البزار والطبراني واللفظ له وهذا إسناد جيد قوي (٤/ ١١٢- ١١٣) . وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد (١/ ٣٢) : ورجال البزار رجال الصحيح غير محمد بن هارون أبي نشيط وهو ثقة.
(٣) المقفي: الآخر والمتبع للأنبياء.
(٤) نبي التوبة: جاء بالتوبة.
(٥) مسلم (٢٣٥٥) .
(٦) نصف الطريق: في منتصف الطريق.
(٧) البخاري- الفتح ٦ (٣٤٧٠) . ومسلم برقم (٢٧٦٦) واللفظ له.
(٨) الترمذي (٢٤٩٩) وهذا لفظه وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث علي بن مسعدة عن قتادة. ابن ماجة (٤٢٥١) وقال الحافظ: سنده قوي (٤/ ٣٤٦) والدارمي (٢/ ٣٩٣) وأحمد (٣/ ١٩٨) والحاكم (٤/ ٢٤٤) . وقال محقق جامع الأصول (٢/ ٥١٥) : حسن.