للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الموحّد همّه وقلبه وعزمه وإرادته وحركاته على أداء حقّه والقيام بعبوديّته «١» .

وقال شارح كتاب التّوحيد: التّوحيد نوعان:

توحيد في المعرفة والإثبات، وهو توحيد الرّبوبيّة والأسماء والصّفات، وتوحيد في الطّلب والقصد وهو توحيد الألوهيّة والعبادة «٢» .

وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة: التّوحيد ثلاثة أنواع:

١- أمّا توحيد الرّبوبيّة: فهو الّذي أقرّ به الكفّار على زمن الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ولم يدخلهم في الإسلام، وقاتلهم الرّسول صلّى الله عليه وسلّم واستحلّ دماءهم وأموالهم، وهو توحيد بفعله تعالى، والدّليل قوله تعالى: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (يونس/ ٣١) وقوله تعالى: قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ* قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ* قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ* سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (المؤمنون/ ٨٤- ٨٩) .

٢- توحيد الألوهيّة: وهو الّذي وقع فيه النّزاع في قديم الدّهر وحديثه، وهو توحيد الله بأفعال العباد كالدّعاء، والنّذر، والنّحر، والرّجاء، والخوف، والتوكّل، والرّغبة، والرّهبة، والإنابة.

٣- توحيد الذّات والأسماء والصّفات: قال تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (سورة الإخلاص) وقال عزّ من قائل: وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (الأعراف/ ١٨٠) «٣» .

وقد ذكر الشّيخ ابن عثيمين أنّ التّوحيد ينقسم إلى هذه الأقسام الثّلاثة، ثمّ عرّفها قائلا:

توحيد الرّبوبيّة: وهو إفراد الله- عزّ وجلّ- بالخلق والملك والتّدبير، فلا خالق إلّا الله، ولا مالك إلّا الله، ولا مدبّر إلّا الله. إذ هو سبحانه المتفرّد بالخلق، والمتفرّد بالملك، والمتفرّد بالتّدبير ...

وما يوجد من المخلوق من صنع الأشياء أو الملك أو التّدبير فكلّه ناقص، وهم غير مستقلّين به، بل ذلك من خلق الله- عزّ وجلّ- (أجراه على أيديهم) أمّا المنفرد بذلك على وجه الاستقلال فهو الله سبحانه وتعالى.

أمّا توحيد الألوهيّة فهو مستمدّ من قوله تعالى:

وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (الأنبياء/ ٢٥) أي (إفراد المولى


(١) بصائر ذوي التمييز (٥/ ١٧٢) .
(٢) فتح المجيد، شرح كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل شيخ (١٥) .
(٣) مجموعة التوحيد لابن تيمية (٧، ٨) .