للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يسألون عن عبادة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا أخبروا كأنّهم تقالّوها، فقالوا: وأين نحن من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم؟ قد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر. قال أحدهم: أمّا أنا فأنا أصلّي اللّيل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدّهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النّساء فلا أتزوّج أبدا.

فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «أنتم الّذين قلتم كذا وكذا. أما والله إنّي لأخشاكم لله وأتقاكم له لكنّي أصوم وأفطر، وأصلّي وأرقد، وأتزوّج النّساء فمن رغب عن سنّتي فليس منّي» ) * «١» .

١٤-* (عن بريدة الأسلميّ- رضي الله عنه- أنّه قال: خرجت ذات يوم لحاجة فإذا أنا بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يمشي بين يديّ فأخذ بيدي، فانطلقنا نمشي جميعا، فإذا نحن بين أيدينا برجل يصلّي، يكثر الرّكوع والسّجود فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أتراه يرائي، فقلت: الله ورسوله أعلم، فترك يده من يدي ثمّ جمع بين يديه، فجعل يصوّبهما ويرفعهما ويقول: «عليكم هديا قاصدا، عليكم هديا قاصدا، عليكم هديا قاصدا، فإنّ من يشادّ هذا الدّين يغلبه» ) * «٢» .

١٥-* (عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- أنّه قال: دخل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فإذا حبل ممدود بين السّاريتين، فقال: «ما هذا الحبل؟» قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلّقت به. فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

«حلّوه، ليصلّ أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد» ) * «٣» .

١٦-* (عن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- أنّه قال: ذكر لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم رجال يجتهدون في العبادة اجتهادا شديدا. فقال «تلك ضراوة الإسلام وشرّته ولكلّ ضراوة شرّة، ولكلّ شرّة فترة. فمن كانت فترته إلى اقتصاد وسنّة فلا أمّ ما هو، ومن كانت فترته إلى المعاصي فذلك الهالك» ) * «٤» .

١٧-* (عن عائشة- رضي الله عنها- أنّها قالت: سئل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أيّ الأعمال أحبّ إلى الله؟

قال: «أدومها وإن قلّ» . وقال: «اكلفوا من العمل ما تطيقون» ) * «٥» .

١٨-* (عن عمّار بن ياسر- رضي الله عنهما- أنّه قال: صلّيت صلاة فأوجزت فيها، فقال له بعض القوم: لقد خفّفت أو أوجزت الصّلاة. فقال: أمّا على ذلك فقد دعوت فيها بدعوات سمعتهنّ من رسول


(١) البخاري- الفتح ٩ (٥٠٦٣) وهذا لفظه. ومسلم (١٤٠١) .
(٢) أحمد (٥/ ٣٥٠) . والحاكم (١/ ٣١٢) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وسنن البيهقي (٣/ ١٨) . والسنة لابن أبي عاصم (٤٦) . وقال الألباني: إسناده صحيح وعزاه كذلك للطحاوي في مشكل الآثار والمروزي في زوائد الزهد والخطيب في التاريخ.
(٣) البخاري- الفتح ٣ (١١٥٠) ومسلم (٧٨٤) .
(٤) أحمد (٢/ ١٦٥) رقم (٦٥٣٩) وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح (١٠/ ٥٠) . وذكره الهيثمي في المجمع، وقال: رواه الطبراني في الكبير وأحمد بنحوه. ورجال أحمد ثقات (٢/ ٢٥٩، ٢٦٠) . والسنة لابن أبي عاصم (٢٨) رقم (٥١) وقال الألباني: إسناده صحيح على شرط الشيخين وعزاه لابن حبان والطحاوي.
(٥) البخاري- الفتح ١١ (٦٤٦٥) ومسلم (٧٨٣) نحوه.