للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بضع وثمانون. من بين ضربة وطعنة ورمية. قال فقالت أخته، عمّتي الرّبيع بنت النّضر: فما عرفت أخي إلّا ببنانه. ونزلت هذه الآية: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (الأحزاب/ ٢٣) قال: فكانوا يرون أنّها نزلت فيه وفي أصحابه) * «١» .

٢٢-* (عن حكيم بن حزام- رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأعطاني، ثمّ سألته فأعطاني، ثمّ سألته فأعطاني ثمّ قال: «يا حكيم، إنّ هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالّذي يأكل ولا يشبع. اليد العليا خير من اليد السّفلى» . قال حكيم: فقلت: يا رسول الله، والّذي بعثك بالحقّ لا أرزا «٢» أحدا بعدك شيئا حتّى أفارق الدّنيا. فكان أبو بكر- رضي الله عنه- يدعو حكيما إلى العطاء فيأبى أن يقبله منه. ثمّ إنّ عمر- رضي الله عنه- دعاه ليعطيه فأبى أن يقبل منه شيئا. فقال عمر: إنّي أشهدكم يا معشر المسلمين على حكيم، أنّي أعرض عليه حقّه من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه، فلم يرزأ حكيم أحدا من النّاس بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى توفّي) * «٣» .

٢٣-* (عن جندب بن مكيث الجهنيّ- رضي الله عنه- قال: «بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غالب بن عبد الله الكلبيّ (كلب ليث) ، إلى بني ملوّح بالكديد، وأمره أن يغير عليهم، فخرج فكنت في سريّته فمضينا حتّى إذا كنّا بقديد لقينا به الحارث بن مالك، وهو ابن البرصاء اللّيثيّ، فأخذناه فقال إنّما جئت لأسلم، فقال غالب ابن عبد الله: إن كنت إنّما جئت مسلما فلن يضرّك رباط يوم وليلة، وإن كنت على غير ذلك استوثقنا منك، قال: فأوثقه رباطا ثمّ خلّف عليه رجلا أسود كان معنا، فقال: امكث معه حتّى نمرّ عليك، فإن نازعك فاجتزّ رأسه، قال: ثمّ مضينا حتّى أتينا بطن الكديد فنزلنا عشيشية بعد العصر، فبعثني أصحابي في ربيئة، فعمدت إلى تلّ يطلعني على الحاضر، فانبطحت عليه وذلك المغرب فخرج رجل منهم فنظر فرآني منبطحا على التّلّ، فقال لامرأته: والله إنّي لأرى على هذا التّلّ سوادا ما رأيته أوّل النّهار، فانظري لا تكون الكلاب اجترّت بعض أوعيتك، قال: فنظرت، فقالت: لا والله ما أفقد شيئا قال: فناوليني قوسي وسهمين من كنانتي، قال: فناولته فرماني بسهم فوضعه في جنبي، قال: فنزعته فوضعته ولم أتحرّك، ثمّ رماني بآخر فوضعه في رأس منكبي فنزعته فوضعته ولم أتحرّك. فقال لامرأته: والله لقد خالطه سهماي، ولو كان دابّة لتحرّك، فإذا أصبحت فابتغي سهميّ فخذيهما لا تمضغهما علىّ الكلاب، قال: وأمهلناهم حتّى راحت رائحتهم، حتّى إذا احتلبوا وعطّنوا، أو سكنوا وذهبت عتمة من اللّيل، شننّا عليهم الغارة فقتلنا من قتلنا


(١) البخاري- الفتح ٦ (٢٨٠٥) . ومسلم (١٩٠٣) واللفظ له.
(٢) لا أرزأ- بفتح الهمزة وفتح الزاي- أي لا أنقص ماله بالطلب منه.
(٣) البخاري- الفتح ٣ (١٤٧٢) .