للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النّجاد «١» عظيم الرّماد «٢» . قريب البيت من النّاد «٣» .

قالت العاشرة: زوجي مالك. وما مالك «٤» ؟

مالك خير من ذلك. له إبل كثيرات المبارك قليلات المسارح وإذا سمعن صوت المزهر «٥» أيقنّ أنّهنّ هوالك.

قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع. فما أبو زرع؟ أناس من حليّ أذنيّ «٦» ، وملأ من شحم عضديّ «٧» . وبجّحني فبجحت إليّ نفسي «٨» وجدني في أهل غنيمة بشقّ «٩» . فجعلني في أهل صهيل وأطيط، ودائس ومنقّ «١٠» . فعنده أقول فلا أقبّح «١١» . وأرقد فأتصبّح، وأشرب فأتقنّح «١٢» . أمّ أبي زرع. فما أمّ أبي


(١) طويل النجاد: تصفه بطول القامة. والنجاد حمائل السيف. فالطويل يحتاج إلى طول حمائل سيفه. والعرب تمدح بذلك.
(٢) عظيم الرماد: تصفه بالجود وكثرة الضيافة من اللحوم والخبز، فيكثر وقوده فيكثر رماده. وقيل لأن ناره لا تطفأ بالليل لتهتدي بها الضّيفان. والأجواد يعظمون النيران في ظلام الليل ويوقدونها على التّلال ومشارف الأرض، ويرفعون الأقباس على الأيدي لتهتدي بها الضيفان.
(٣) قريب البيت من الناد: قال أهل اللغة: النادي والناد والنديّ والمنتدى مجلس القوم. وصفته بالكرم والسؤدد. لأنه لا يقرب البيت من النادي إلا أصحاب النادي يأخذون ما يحتاجون إليه في مجلسهم من بيت قريب للنادي. واللئام يتباعدون من النادي.
(٤) زوجي مالك وما مالك: معناه أن له إبلا كثيرا. فهي باركة بفنائه. لا يوجهها تسرح إلا قليلا. فإذا نزل به الضيفان كانت الإبل حاضرة فيقريهم من ألبانها ولحومها.
(٥) المزهر: هو العود الذي يضرب. أرادت أن زوجها عود إبله، إذا نزل به الضيفان، نحر لهم منها وأتاهم بالعيدان والمعازف والشراب. فإذا سمعت الإبل صوت المزهر علمن أنه قد جاءه الضيفان، وأنهن منحورات هوالك.
(٦) أناس من حلي أذنيّ: الحلي بضم الحاء وكسرها، لغتان مشهورتان. والنوس الحركة من كل شيء متدل. فهي تنوس أي تتحرك من كثرتها.
(٧) وملأ من شحم عضديّ: قال العلماء: معناه أسمنني وملأ بدني شحما. ولم ترد اختصاص العضدين. ولكن إذا سمنتا سمن غيرهما.
(٨) ويجحني فبجحت إلي نفسي: بجحت بكسر الجيم وفتحها لغتان مشهورتان أفصحهما الكسر. قال الجوهري: الفتح ضعيفة. ومعناه فرحني ففرحت. وقال ابن الأنباري: وعظمني فعظمت عند نفسي. يقال فلان يتبجح بكذا أي يتعظم ويفتخر.
(٩) وجدني في أهل غنيمة بشق: غنيمة تصغير غنم. أرادت أن أهلها كانوا أصحاب غنم، لا أصحاب خيل وإبل. لأن الصهيل أصوات الخيل والأطيط أصوات الإبل وحنينها. والعرب لا تعتد بأصحاب الغنم وإنما يعتدون بأهل الخيل والإبل. بشق بكسر الشين وفتحها. والمشهور لأهل الحديث كسرها. والمعروف عند أهل اللغة فتحها. قال أبو عبيد: هو بالفتح. قال: والمحدثون يكسرونه. قال وهو موضع. وقال الهرويّ: الصواب الفتح. وقال ابن الأنباريّ هو بالكسر والفتح. وهو موضع. وقال ابن أبي أويس وابن حبيب: يعني بشق جبل لقلتهم وقلة غنمهم. وشق الجبل ناحيته. وقال القتبيّ: ويعطونه بشق، بالكسر، أي بشظف من العيش وجهد. قال القاضي عياض: هذا عندي أرجح. واختاره أيضا غيره. فحصل فيه ثلاثة أقوال.
(١٠) ودائس ومنق: الدائس هو الذي يدوس الزرع في بيدره. قال الهرويّ وغيره: يقال داس الطعام درسه. ومنق من نقّى الطعام ينقيه أي يخرجه من تبنه وقشوره. والمقصود أنه صاحب زرع يدوسه
وينقيه.
(١١) فعنده أقول فلا أقبح: معناه لا يقبح قولي فيردّ، بل يقبل قولي. ومعنى أتصبح أنام الصّبحة وهي بعد الصباح. أي أنها مكفية بمن يخدمها فتنام.
(١٢) فأتقنح: قال القاضي: هكذا هو في جميع النسخ: فأتقنح. قال ولم نروه في صحيح البخاريّ ومسلم إلا بالنون. قال البخاريّ: قال بعضهم: فأتقمح بالميم. قال وهو أصح. قال أبو عبيد هو بالميم. قال: وبعض الناس يرويه بالنون ولا أدري ما هذا؟. وقال آخرون: الميم والنون صحيحتان. فالميم معناه أروى حتى أدع الشراب من شدة الريّ. ومنه قمح البعير يقمح إذا رفع رأسه من الماء بعد الريّ. قال أبو عبيد: ولا أراها قالت هذا إلا لعزة الماء عندهم. ومن قاله بالنون فمعناه أقطع الشرب وأتمهل فيه. وقيل هو الشرب بعد الريّ. قال أهل اللغة: قنحت الإبل إذا تكارهت. وتقنحته أيضا.