للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفطرة. أمّا إنّك لو أخذت الخمر غوت أمّتك» ) * «١» .

١٧-* ( ... وجاء في حديث الإفك، أنّ عائشة- رضي الله عنها- زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قالت:

كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أراد أن يخرج سفرا، أقرع بين نسائه. فأيّتهنّ خرج سهمها، خرج بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم معه. قالت عائشة- رضي الله عنها-: فأقرع بيننا في غزوة غزاها. فخرج فيها سهمي. فخرجت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وذلك بعد ما أنزل الحجاب.. الحديث.

وفيه: ودعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّ بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث «٢» الوحي. يستشيرهما في فراق أهله. قالت: فأمّا أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالّذي يعلم من براءة أهله، وبالّذي يعلم في نفسه لهم من الودّ. فقال: يا رسول الله هم أهلك ولا نعلم إلّا خيرا. وأمّا عليّ بن أبي طالب فقال: لم يضيّق الله عليك والنّساء سواها كثير. وإن تسأل الجارية تصدقك.

قالت: فدعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بريرة فقال: «أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك من عائشة؟» . قالت له بريرة: والّذي بعثك بالحقّ إن رأيت عليها أمرا قطّ أغمصه عليها «٣» ، أكثر من أنّها جارية حديثة السّنّ تنام عن عجين أهلها، فتأتي الدّاجن «٤» فتأكله.

قالت: فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المنبر. فاستعذر «٥» من عبد الله بن أبيّ بن سلول. قالت: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو على المنبر: «يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي. فو الله ما علمت على أهلي إلّا خيرا. ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلّا خيرا. وما كان يدخل على أهلي إلّا معي» . فقام سعد ابن معاذ الأنصاريّ فقال: أنا أعذرك منه. يا رسول الله إن كان من الأوس ضربنا عنقه. وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك. قالت: فقام سعد بن عبادة، وهو سيّد الخزرج، وكان رجلا صالحا. ولكن اجتهلته الحميّة «٦» . فقال لسعد بن معاذ: كذبت.

لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله. فقام أسيد بن حضير، وهو ابن عمّ سعد بن معاذ، فقال لسعد بن عبادة: كذبت. لعمر الله لنقتلنّه. فإنّك منافق تجادل عن المنافقين. فثار الحيّان الأوس والخزرج «٧» حتّى همّوا أن يقتتلوا. ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المنبر. فلم يزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يخفّضهم حتّى سكتوا وسكت ...

الحديث) * «٨» .

١٨-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «مثلي كمثل


(١) البخاري- الفتح ٦ (٣٤٣٧) . ومسلم (١٦٨) .
(٢) استلبث الوحي: أي أبطا ولبث ولم ينزل.
(٣) أغمصه عليها: أي أعيبها به.
(٤) الداجن: الشاة التي تألف البيت ولا تخرج للمرعى. ومعنى هذا الكلام أنه ليس فيها شيء مما تسألون عنه أصلا ولا فيها شيء من غيره، إلا نومها عن العجين.
(٥) استعذر: معناه: من يعذرني فيمن آذاني في أهلي، وقيل معناه من ينصرني. والعذير الناصر.
(٦) اجتهلته الحمية: أي أخفته وأغضبته وحملته على الجهل.
(٧) فثار الحيان الأوس والخزرج: أي تناهضوا للنزاع والعصبية.
(٨) البخاري- الفتح ٧ (٤١٤١) . ومسلم (٢٧٧٠) واللفظ له.