للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يضمنها الكثير من الأخلاق الإسلامية، إما من أجل توضيحها أمام المسلمين من ناحية، وإما من أجل تعميقها في نفوسهم من ناحية ثانية، وذلك «من خلال جعلها موضوعات تدور حولها أو تتحدث عنها أحداث القصة ومواقفها، وهي قيم ذات جوانب متعددة» «١» .

وتأتي فعالية القصة من كونها «مزيجا من الحوار والأحداث والترتيب الزمني مع وصف للأمكنة والأشخاص والحالات الاجتماعية والطبيعية التي تمر بشخصيات القصة» «٢» .

وهي قادرة على تأكيد الاتجاهات المرغوبة وترسيخ القيم والأخلاق، وذلك عن طريق استثارة مشاركة الإنسان العاطفية لنماذج السلوك والقيم التي تقوم القصة بتقديمها وللمواقف التي تصورها.

وقد كانت القصة القرآنية وسيلة من وسائل التربية وتنمية القيم الخلقية الإسلامية، وذلك باستخراج العبرة من التجربة السابقة، واستخراج المثل وشرح طرق الخير، والتحذير من الكفر والجحود، يقول تعالى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ* نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ «٣» .

ويقول تعالى:

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ «٤» .

تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها «٥» .

فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ «٦» .

وهذا القصص باحتوائه على ألوان كثيرة وصور كثيرة عن الماضي من لدن آدم لبعث الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وما كان من أخبار الرسل والأمم السابقة، وما يعرض من صور المكذبين لتخليهم عن تحكيم القيم والمعايير التي جاء بها الرسل، كل هذا يؤكد معلما بارزا حيا في استخدام هذا القصص كوسيلة من أهم وسائل التربية وتنمية القيم.

تمد القصة القرآنية الفرد والجماعة بالقيم الأخلاقية الإسلامية الصادقة وتسهم- بإيجابية- في غرس هذه القيم في نفوسهم، وهي إحدى وسائل التربية، التي يميل إليها النشء. فإن «القصة تؤثر في النفس إذا وضعت في


(١) محمد بن حسن الزير، القصص في الحديث النبوي، الطبعة الثالثة، بدون ناشر، ١٤٠٥ هـ/ ١٩٨٥ م، ص ٣٨٨.
(٢) حسن إبراهيم عبد العال، أصول تربية الطفل والإسلام، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية تربية، جامعة طنطا، ١٤٠٠ هـ/ ١٩٨٠ م، ص ٢٩٥.
(٣) سورة يوسف: ٢، ٣.
(٤) سورة غافر: ٧٨.
(٥) سورة الأعراف: ١٠١.
(٦) سورة الأعراف: ١٧٦.