للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واصبروا فإنّ العمل كلّه بالصّبر، واحذروا فإنّ الحذر ينفع، واعملوا والعمل يقبل، واحذروا ما حذّركم الله من عذابه، وسارعوا فيما وعدكم الله من رحمته، وافهموا وتفهّموا، واتّقوا وتوقّوا، فإنّ الله قد بيّن لكم ما أهلك به من كان قبلكم، وما نجّى به من نجّى قبلكم، قد بيّن لكم في كتابه حلاله وحرامه، وما يحبّ من الأعمال وما يكره، فإنّي لا آلوكم ونفسي والله المستعان ولا حول ولا قوّة إلّا بالله. واعلموا أنّكم ما أخلصتم لله من أعمالكم فربّكم أطعتم وحظّكم حفظتم لله من أعمالكم فربّكم أطعتم وحظّكم حفظتم واغتبطتم وما تطوّعتم به لدينكم فاجعلوه نوافل بين أيديكم تستوفوا سلفكم وتعطوا جرايتكم حيث فقركم وحاجتكم إليها ثمّ تفكّروا عباد الله في إخوانكم وصحابتكم الّذين مضوا قد وردوا على ما قدموا، فأقاموا عليه وحلّوا في الشّقاء والسّعادة فيما بعد الموت، إنّ الله ليس له شريك وليس بينه وبين أحد من خلقه سبب يعطيه به خيرا ولا يصرف عنه سوءا إلّا بطاعته واتّباع أمره فإنّه لا خير في خير بعده النّار ولا شرّ في شرّ بعده الجنّة) » * «١» .

٢-* (قال ابن إسحاق- رحمه الله تعالى-:

كان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا صلّوا ذهبوا في الشّعاب فاستخفوا بصلاتهم من قومهم، فبينا سعد بن أبي وقّاص في نفر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في شعب من شعاب مكّة إذ ظهر عليهم نفر من المشركين، وهم يصلّون، فناكروهم وعابوا عليهم ما يصنعون حتّى قاتلوهم، فضرب سعد بن أبي وقّاص يومئذ رجل من المشركين بلحي «٢» بعير فشجّه فكان أوّل دم هريق في الإسلام) * «٣» .

٣-* (قال ابن عطيّة- رحمه الله تعالى- في معنى قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ... : «احذروا واستعدّوا بأنواع الاستعداد من أخذ السّلاح وغيره» ) * «٤» .

٤-* (قال القرطبيّ- رحمه الله تعالى- في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ... :

«أمر الله أهل الطّاعة ... أن لا يقتحموا على عدّوهم على جهالة حتّى يتحسّسوا ما عندهم ويعلموا كيف يردون فذلك أثبت لهم» ) * «٥» .

٥-* (وقال القرطبيّ- رحمه الله تعالى- في معنى قوله تعالى: وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ ... : «هذه وصيّة بالحذر وأخذ السّلاح، لئلّا ينال العدوّ أمله ويدرك فرصته، إنّهم يودّون ويحبّون غفلتكم عن أخذ السّلاح ليصلوا إلى مقصودهم، فبيّن الله تعالى بهذا وجه الحكمة في الأمر بأخذ السّلاح» .

ثمّ قال: «في هذه الآية دليل على تعاطي الأسباب واتّخاذ كلّ ما ينجّي ذوي الألباب ويوصّل إلى السّلامة


(١) جواهر الأدب (٣٧٤/ ٣٧٥) .
(٢) اللحي: العظم الذي عليه الأسنان السفلى، قال ابن منظور: اللحيان: حائطا الفم وهما: العظمان اللذان فيهما الأسنان من كل ذي لحي، ويكون للإنسان والدابة.
(٣) سيرة ابن هشام (١/ ٢٩٦) .
(٤) المحرر الوجيز (٤/ ١٧٢) .
(٥) تفسير القرطبي (٥/ ٢٧٣) .