للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دون الرّكوع الأوّل. ثمّ رفع رأسه فقام، فأطال القيام، وهو دون القيام الأوّل. ثمّ ركع، فأطال الرّكوع، وهو دون الرّكوع الأوّل، ثمّ سجد، ثمّ انصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد تجلّت الشّمس. فخطب النّاس فحمد الله وأثنى عليه. ثمّ قال: «إنّ الشّمس والقمر من آيات الله. وإنّهما لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فكبّروا. وادعوا الله وصلّوا وتصدّقوا. يا أمّة محمّد، إن من أحد أغير من الله «١» أن يزني عبده أو تزني أمته. يا أمّة محمّد، والله لو تعلمون ما أعلم «٢» لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا. ألا هل بلّغت؟» ) * «٣» .

٤٣-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها «٤» . قال: «أتدرون ما أخبارها؟» . قالوا:

الله ورسوله أعلم. قال: «فإنّ أخبارها أن تشهد على كلّ عبد وأمة بما عمل على ظهرها، تقول: عمل يوم كذا كذا وكذا فهذه أخبارها» ) * «٥» .

٤٤-* (عن هانئ مولى عثمان- رضي الله عنهما- قال: كان عثمان بن عفّان، إذا وقف على قبر، يبكي حتّى يبلّ لحيته، فقيل له: تذكر الجنّة والنّار، ولا تبكي وتبكي من هذا؟ قال: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:

«إنّ القبر أوّل منازل الآخرة. فإن نجا منه فما بعده أيسر منه. وإن لم ينج منه، فما بعده أشدّ منه» . قال:

وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما رأيت منظرا قطّ إلّا والقبر أفظع منه» ) * «٦» .

٤٥-* (عن سمرة بن جندب- رضي الله عنه- قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يعني ممّا يكثر أن يقول لأصحابه: «هل رأى أحد منكم من رؤيا؟» . قال:

فيقصّ عليه ما شاء الله أنّ يقصّ، وإنّه قال لنا ذات غداة: «إنّه أتاني اللّيلة آتيان وإنّهما ابتعثاني وإنّهما قالا لي: انطلق، وإنّي انطلقت معهما، وإنّا أتينا على رجل مضطجع، وإذا آخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصّخرة لرأسه فيثلغ رأسه «٧» فيتدهده الحجر «٨» هاهنا، فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتّى يصحّ رأسه كما كان، ثمّ يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل به المرّة الأولى» ، قال: قلت لهما: «سبحان الله، ما هذان؟» . قال: قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا فأتينا على رجل مستلق لقفاه، وإذا آخر قائم عليه بكلّوب من حديد. وإذا هو يأتي أحد شقّى وجهه فيشرشر


(١) إن من أحد أغير من الله: إن نافية بمعنى ما. والمعنى أنه ليس أحد أغير من الله تعالى.
(٢) لو تعلمون ما أعلم: أي لو تعلمون من شدة عقاب الله تعالى وانتقامه من أهل الجرائم، وأهوال القيامة وما بعدها، كما علمت لبكيتم كثيرا ولقل ضحككم لفكركم وخوفكم مما عملتموه.
(٣) البخاري- الفتح ٢ (١٠٤٤) ، ومسلم (٩٠١) واللفظ له.
(٤) الزلزلة/ ٤ مدنية.
(٥) الترمذي (٢٤٢٩) وحسنه، و (٣٣٥٣) ، وصححه، والحديث في المسند (٢/ ٣٧٤) ، وقال محققه: إسناده حسن (حديث رقم ٨٨٥٤) ، وأخرجه الحاكم (٢/ ٥٢٢) ، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وذكره ابن كثير في تفسير سورة الزلزلة، ونقل عن الترمذي أنه حديث حسن صحيح غريب.
(٦) سنن الترمذي (٢٣٠٨) وقال: حسن غريب، وسنن ابن ماجة (٤٢٦٧) واللفظ له، والبغوي في شرح السنة (٥/ ٤١٨) وقال محققه: سنده حسن.
(٧) يثلغ رأسه: أي يشدخه.
(٨) يتدهده الحجر: أي ينحط.