للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمين خيرا، ثمّ قال: «اغزوا باسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله. اغزوا ولا تغلّوا «١» ولا تغدروا «٢» ، ولا تمثلوا «٣» ، ولا تقتلوا وليدا «٤» ، وإذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال (أو خلال) ، فأيّتهنّ ما أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم، ثمّ ادعهم إلى الإسلام «٥» ، فإن أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم، ثمّ ادعهم إلى التّحوّل من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنّهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحوّلوا منها، فأخبرهم أنّهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله الّذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء، إلّا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تجعل لهم ذمّة الله «٦» وذمّة نبيّه، فلا تجعل لهم ذمّة الله ولا ذمّة نبيّه، ولكن اجعل لهم ذمّتك وذمّة أصحابك ... الحديث) * «٧» .

٩-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:

كنت أدعو أمّي إلى الإسلام، وهي مشركة فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما أكره، فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنا أبكي قلت: يا رسول الله إنّي كنت أدعو أمّي إلى الإسلام فتأبى عليّ، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أمّ أبي هريرة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اللهمّ اهد أمّ أبي هريرة» ، فخرجت مستبشرا بدعوة نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا جئت فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف «٨» ، فسمعت أمّي خشف قدميّ «٩» ، فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمعت خضخضة الماء «١٠» ، قال: فاغتسلت، ولبست درعها، وعجلت عن خمارها، ففتحت الباب، ثمّ قالت: يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، قال: فرجعت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأتيته، وأنا أبكي من الفرح، قال: قلت: يا رسول الله أبشر قد استجاب الله دعوتك، وهدى أمّ أبي هريرة، فحمد الله وأثنى عليه، وقال خيرا، قال:

قلت: يا رسول الله ادع الله أن يحبّبني أنا وأمّي إلى عباده المؤمنين، ويحبّبهم إلينا، قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اللهمّ حبّب عبيدك هذا- يعني أبا هريرة-


(١) ولا تغلوا: من الغلول، ومعناه الخيانة في المغنم، أي لا تخونوا في الغنيمة.
(٢) ولا تغدروا: أي لا تنقضوا العهد.
(٣) ولا تمثلوا: أي لا تشوهوا القتلى بقطع الأنوف والآذان.
(٤) وليدا: أي صبيّا لأنه لا يقاتل.
(٥) ثم ادعهم إلى الإسلام: هكذا في جميع نسخ صحيح مسلم: ثم ادعهم، قال القاضي عياض: صواب الرواية: ادعهم، بإسقاط ثم، وقد جاء بإسقاطها على الصواب في كتاب أبي عبيد، وفي سنن أبي داود وغيرهما، لأنه تفسير للخصال الثلاث، وليست غيرها، وقال المازري: ليست ثم هنا زائدة، بل دخلت لاستفتاح الكلام والأخذ.
(٦) ذمة الله: الذمة هنا العهد.
(٧) مسلم (١٧٣١) .
(٨) مجاف: مغلق.
(٩) خشف قدميّ: أي صوتهما في الأرض.
(١٠) خضخضة الماء: أي صوت تحريكه.