للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليهم، يغلبونهم في سالف الدّهر، وإلى يومنا هذا، فما نسيهم ربّك، وما كان ربّك نسيّا، جعل قصصهم هدى، وأخبر عن حسن مقالتهم فلا تقصر عنهم، فإنّهم في منزلة رفيعة وإن أصابتهم الوضيعة» ) * «١» .

٧-* (قال العلّامة ابن القيّم- رحمه الله- في سياق قوله تعالى: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي (يوسف/ ١٠٨) : «إنّ الله سبحانه أمر رسوله أن يخبر أنّ سبيله الدّعوة إلى الله، فمن دعا إلى الله تعالى فهو على سبيل رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وهو على بصيرة، وهو من أتباعه، ومن دعا إلى غير ذلك فليس على سبيله، ولا هو على بصيرة، ولا هو من أتباعه، فالدّعوة إلى الله تعالى هي وظيفة المرسلين وأتباعهم، وهم خلفاء الرّسل في أممهم، والنّاس تبع لهم، والله سبحانه قد أمر رسوله أن يبلّغ ما أنزل إليه من ربّه، وضمن له حفظه وعصمته من النّاس، وهؤلاء المبلّغون عنه من أمّته لهم من حفظ الله وعصمته إيّاهم بحسب قيامهم بدينه، وتبليغهم له، وقد أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالتّبليغ عنه ولو آية، ودعا لمن بلّغ عنه ولو حديثا، وتبليغ سنّته إلى الأمّة أفضل من تبليغ السّهام إلى نحور العدوّ؛ لأنّ تبليغ السّهام يفعله كثير من النّاس، وأمّا تبليغ السّنن فلا يقوم به إلّا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أممهم، جعلنا الله منهم بمنّه وكرمه» ) * «٢» .

٨-* (قال الشّيخ عبد العزيز بن باز- حفظه الله-: «الواجب على جميع القادرين من العلماء وحكّام المسلمين والدّعاة الدّعوة إلى الله- عزّ وجلّ- حتّى يصل البلاغ إلى العالم كافّة في جميع أنحاء المعمورة، وهذا هو البلاغ الّذي أمر الله به، قال الله تعالى لنبيّه يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ (المائدة/ ٦٧) فالرّسول صلّى الله عليه وسلّم عليه البلاغ، وهكذا الرّسل جميعا عليهم البلاغ صلوات الله وسلامه عليهم، وعلى أتباع الرّسل أن يبلّغوا، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «بلّغوا عنّي ولو آية» ، وكان إذا خطب النّاس يقول: «فليبلّغ الشّاهد الغائب، فربّ مبلّغ أوعى من سامع» . فعلى جميع الأمّة حكّاما وعلماء وتجّارا وغيرهم أن يبلّغوا عن الله وعن رسوله صلّى الله عليه وسلّم هذا الدّين وأن يشرحوه للنّاس بشتّى اللّغات الحيّة المستعملة» ) * «٣» .

٩-* (وقال أيضا- حفظه الله-: «ليس الخافي على كلّ من له أدنى علم أو بصيرة أنّ العالم الإسلاميّ اليوم، بل العالم كلّه في أشدّ الحاجة إلى الدّعوة الإسلاميّة الواضحة الجليّة الّتي تشرح للنّاس حقيقة الإسلام، وتوضّح لهم أحكامه ومحاسنه، وبذلك يتّضح لكلّ مسلم طالب علم أنّ الدّعوة إلى الله من أهمّ المهمّات، وأنّ الأمّة في كلّ زمان ومكان في أشدّ الحاجة إليها بل في أشدّ الضّرورة إلى ذلك، فالواجب على أهل العلم أينما كانوا أن يبلّغوا دعوة


(١) التفسير القيم لابن القيم (٤٣١) .
(٢) المرجع السابق (٤٣٠- ٤٣١) .
(٣) مجموع فتاوى ومقالات الشيخ عبد العزيز بن باز (١/ ٣٣٣) .