للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنه- قال: قال لنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أما ترضون أن تكونوا ربع أهل الجنّة؟» . قال: فكبّرنا. ثمّ قال: «أما ترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنّة؟» . قال: فكبّرنا، ثمّ قال: «إنّي لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنّة، وسأخبركم عن ذلك: ما المسلمون في الكفّار إلّا كشعرة بيضاء في ثور أسود، أو كشعرة سوداء في ثور أبيض» ) * «١» .

٤٥-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنّة: يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصّلاة دعي من باب الصّلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصّيام دعي من باب الرّيّان، ومن كان من أهل الصّدقة دعي من باب الصّدقة» . فقال أبو بكر- رضي الله عنه- بأبي أنت وأمّي يا رسول الله ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة «٢» . فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلّها؟ قال: «نعم وأرجو أن تكون منهم» ) * «٣» .

٤٦-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: هاجر إلى الحبشة رجال من المسلمين وتجهّز أبو بكر مهاجرا. فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «على رسلك فإنّي أرجو أن يؤذن لي» . فقال أبو بكر: أو ترجوه بأبي أنت؟. قال: «نعم» . فحبس أبو بكر نفسه على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لصحبته وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السّمر أربعة أشهر. قال عروة: قالت عائشة: فبينما نحن يوما جلوس في بيتنا في نحر الظّهيرة فقال قائل لأبي بكر:

هذا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مقبلا متقنّعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها. فقال أبو بكر فدا لك بأبي وأمّي. والله إن جاء به في هذه السّاعة لأمر. فجاء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فاستأذن فأذن له فدخل فقال حين دخل لأبي بكر: «أخرج من عندك» . قال: إنّما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله.

قال: «فإنّي قد أذن لي في الخروج» ، قال: فالصّحبة بأبي أنت يا رسول الله. قال: «نعم» . قال: فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتيّ هاتين. قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

«بالثّمن» . قالت: فجهّزناهما أحثّ الجهاز، ووضعنا لهما سفرة في جراب، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فأوكأت به الجراب- ولذلك كانت تسمّى ذات النّطاقين- ثمّ لحق النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر بغار في جبل يقال له ثور، فمكثا فيه ثلاث ليال، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر- وهو غلام شابّ لقن ثقف- فيرحل من عندهما سحرا فيصبح من قريش بمكّة كبائت، فلا يسمع أمرا يكادان به إلّا وعاه، حتّى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظّلام، ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم، فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء، فيبيتان في رسلهما حتّى ينعق بهما عامر بن فهيرة بغلس. يفعل


(١) البخاري- الفتح ١١ (٦٥٢٨) ، ومسلم (٢٢١) واللفظ له.
(٢) من ضرورة: أي من ضرر.
(٣) البخاري- الفتح ٤ (١٨٩٧) واللفظ له، ومسلم (١٠٢٧) .