للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يركض بغلته قبل الكفّار. قال عبّاس:

وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. أكفّها إرادة أن لا تسرع وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أي عبّاس! ناد أصحاب السّمرة» فقال عبّاس: (وكان رجلا صيّتا) فقلت بأعلى صوتي:

أين أصحاب السّمرة «١» ؟ قال: فو الله لكأنّ عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها. فقالوا:

يا لبّيك يا لبّيك. قال: فاقتتلوا والكفّار. والدّعوة في الأنصار يقولون: يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار.

قال: ثمّ قصرت الدّعوة على بني الحارث بن الخزرج فقالوا: يا بني الحارث بن الخزرج! يا بني الحارث بن الخزرج! فنظر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«هذا حين حمي الوطيس «٢» » قال: ثمّ أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حصيات، فرمى بهنّ وجوه الكفّار. ثمّ قال:

«انهزموا، وربّ محمّد» . قال: فذهبت أنظر، فإذا القتال على هيئته فيما أرى. قال: فو الله! ما هو إلّا أن رماهم بحصياته. فما زلت أرى حدّهم كليلا «٣» وأمرهم مدبرا) * «٤» .

١١-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- قال: غزونا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غزوة قبل نجد، فأدركنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في واد كثير العضاه «٥» . فنزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تحت شجرة، فعلّق سيفه بغصن من أغصانها، قال: وتفرّق النّاس في الوادي يستظلّون بالشّجر. قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«إنّ رجلا أتاني وأنا نائم. فأخذ السّيف فاستيقظت وهو قائم على رأسي. فلم أشعر إلّا والسّيف صلتا «٦» في يده. فقال لي: من يمنعك منّي؟ قال: قلت: الله.

ثمّ قال في الثّانية: من يمنعك منّي؟ قال: قلت: الله.

قال: فشام السّيف «٧» فها هو ذا جالس» ثمّ لم يعرض له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) *» .


(١) أصحاب السمرة: هي الشجرة التي بايعوا تحتها بيعة الرضوان. ومعناه نادهم.
(٢) هذا حين حمى الوطيس: قيل الوطيس هو التنور المسجور. وهذه اللفظة من فصيح الكلام وبديعه الذي لم يسمع من أحد قبل النبي صلّى الله عليه وسلّم.
(٣) فما زلت أرى حدهم كليلا: أي ما زلت أرى قوتهم ضعيفة.
(٤) البخاري- الفتح ٦ (٢٩٣٠) برواية البراء. ومسلم (١٧٧٥) واللفظ له.
(٥) العضاه: هي كل شجرة ذات شوك.
(٦) صلتا: بفتح الصاد وضمها: أي مسلولا.
(٧) فشام السيف: ردّه في غمده. يقال: شام السيف إذا سله وإذا أغمده، فهو من الأضداد. والمراد هنا غمده.
(٨) مسلم (٨٤٣) .