للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يستدفع السّوء والبلوى بحبّهم ... ويستزاد به الإحسان والنّعم

مقدّم بعد ذكر الله ذكرهم ... في كلّ حكم ومختوم به الكلم

إن عدّ أهل التّقى كانوا أئمّتهم ... أو قيل: من خير أهل الأرض قيل: هم

لا يستطيع جواد بعد غايتهم ... ولا يدانيهم قوم وإن كرموا

هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت ... والأسد أسد الشّرى والبأس محتدم

يأبى لهم أن يحلّ الذمّ ساحتهم ... خيم كرام وأيد بالنّدى هضم

لا ينقص العدم بسطا من أكفّهم ... سيّان ذلك إن أثروا وإن عدموا

أيّ الخلائق ليست في رقابهم ... لأوّلية هذا أوله نعم

فليس قولك من هذا بضائره ... العرب تعرف من أنكرت والعجم

من يعرف الله يعرف أوّلية ذا ... فالدّين من بيت هذا ناله الأمم

قال: فغضب هشام من ذلك وأمر بحبس الفرزدق بعسفان، بين مكّة والمدينة، فلمّا بلغ ذلك عليّ بن الحسين بعث إلى الفرزدق باثني عشر ألف درهم، فلم يقبلها وقال: إنّما قلت ما قلت لله- عزّ وجلّ- ونصرة للحقّ، وقياما بحقّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ذرّيّته، ولست أعتاض عن ذلك بشيء. فأرسل إليه عليّ بن الحسين يقول: قد علم الله صدق نيّتك في ذلك، وأقسمت عليك بالله لتقبلنّها فتقبّلها منه ثمّ جعل يهجو هشاما) * «١» .

١٣-* (قال ابن القيّم- رحمه الله- في وصف إرادة ربّ العالمين: يا محمّد! أنت تريد أبا طالب ونحن نريد سلمان، أبو طالب إذا سئل عن اسمه قال عبد مناف. وإذا انتسب افتخر بالآباء. وإذا ذكرت الأموال عدّ الإبل. وسلمان إذا سئل عن اسمه قال: عبد الله، وعن نسبه قال ابن الإسلام. وعن ماله قال:

الفقر. وعن حانوته قال: المسجد، وعن كسبه قال:

الصّبر. وعن لباسه قال: التّقوى والتّواضع. وعن وساده: قال: السّهر. وعن فخره قال: سلمان منّا. وعن قصده قال: يريدون وجهه. وعن سيره قال: إلى الجنّة.

وعن دليله في الطّريق قال: إمام الخلق وهادي الأئمّة) * «٢» .

١٤-* (قال الماورديّ- رحمه الله-: «من يعين ولا يستعين، فهو كريم الطّبع، مشكور الصّنع، وقد حاز فضيلتي الابتداء والاكتفاء، فلا يرى ثقيلا في نائبة، ولا يقعد عن نهضة في معونة، فهذا أشرف الإخوان نفسا وأكرمهم طبعا» ) * «٣» .


(١) ديوان الفرزدق. ورواية البيت الأخير فيه:
من يشكر الله يشكر أوّليّة ذا ... فالدين من بيت هذا ناله الأمم
والقصيدة بهذا الترتيب في البداية والنهاية (٩/ ١٨٠، ١٠٩) .
(٢) الفوائد (٥٦) .
(٣) أدب الدنيا والدين (١٧٣) .