يهدي إلى الجنّة وإنّ الرّجل ليصدق حتّى يكتب عند الله صدّيقا، وإنّ الرّجل ليكذب حتّى يكتب عند الله كذّابا، فجعل الصّدق مفتاح الصّدّيقيّة ومبدأها، وهي غايته، فلا ينال درجتها كاذب البتّة، لا في قوله، ولا في عمله، ولا في حاله. ولا سيّما كاذب على الله في أسمائه وصفاته، بنفي ما أثبته لنفسه، أو بإثبات ما نفاه عن نفسه، فليس في هؤلاء صدّيق أبدا، وكذلك الكذب عليه في دينه، وشرعه بتحليل ما حرّمه، وتحريم ما أحلّه، وإسقاط ما أوجبه، وإيجاب ما أسقطه، وكراهة ما أحبّه، واستحباب ما لم يحبّه، كلّ ذلك مناف للصّدّيقيّة. وكذلك الكذب معه في الأعمال بالتّحلّي بحلية الصادقين المخلصين، الزّاهدين المتوكّلين وليس منهم. وكانت الصّدّيقيّة كمال الإخلاص، والانقياد والمتابعة في كلّ الأمور؛ حتّى إنّ صدق المتبايعين يحلّ البركة في بيعهما، وكذبهما يمحو بركة بيعهما. كما في الصّحيحين: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «البيّعان بالخيار ما لم يتفرّقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما»«١» .
[للاستزادة: انظر صفات: الإخلاص- الأمانة- البر- الوفاء- الإيمان- الاستقامة- الطمأنينة- إقامة الشهادة- اليقين] .
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الكذب- الافتراء- الإفك- البهتان- الخيانة- نقض العهد- الغدر- شهادة الزور] .
(١) بصائر ذوي التمييز (٣٩٨- ٤٠٣) ، وقارن بمدارج السالكين (٢/ ٢٨١) وما بعدها.