للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما بين السّماء والأرض، وذلك أنّ أحدهما مقبل بقلبه على الله- عزّ وجلّ- والآخر ساه غافل، فإذا أقبل العبد على مخلوق مثله وبينه وبينه حجاب لم يكن إقبالا ولا تقريبا، فما الظّنّ بالخالق- عزّ وجلّ-؟ وإذا أقبل على الخالق- عزّ وجلّ- وبينه وبينه حجاب الشّهوات والوساوس، والنّفس مشغوفة بها ملأى منها، فكيف يكون ذلك إقبالا، وقد ألهته الوساوس والأفكار وذهبت به كلّ مذهب؟» ) * «١» .

٤-* (عن أمّ الدّرداء قالت: «بات أبو الدّرداء لّيلة يصلّي فجعل يبكي ويقول: اللهمّ أحسنت خلقي فأحسن خلقي حتّى أصبح، فقلت: يا أبا الدّرداء ما كان دعاؤك منذ اللّيلة إلّا في حسن الخلق قال: يا أمّ الدّرداء، إنّ العبد المسلم يحسن خلقه حتّى يدخله حسن خلقه الجنّة ويسوء خلقه حتّى يدخله سوء خلقه النّار. وإنّ العبد المسلم ليغفر له وهو نائم قالت: قلت: وكيف ذاك يا أبا الدّرداء؟ قال: يقوم أخوه من اللّيل فيتهجّد فيدعو الله فيستجيب له ويدعو لأخيه فيستجيب له» ) * «٢» .

٥-* (قال أبو الدّرداء- رضي الله عنه-:

«لولا ثلاث لأحببت أن أكون في بطن الأرض لا على ظهرها: لولا إخوان لي يأتوني ينتقون طيّب الكلام كما ينتقى طيّب التّمر، أو أغفّر وجهي ساجدا لله- عزّ وجلّ- أو غدوة أو روحة في سبيل الله- عزّ وجلّ-» ) * «٣» .

٦-* (قال عبد الله: كان أبي ساعة يصلّي عشاء الآخرة ينام نومة خفيفة، ثمّ يقوم إلى الصّباح يصلّي ويدعو» ) * «٤» .

٧-* (وقال إبراهيم بن شمّاس: «كنت أعرف أحمد بن حنبل وهو غلام وهو يحيي اللّيل» ) * «٥» .

٨-* (في كتاب أبي جعفر الأدميّ بخطّه، قال: «كنت باليمن في بعض أسفاري، فإذا رجل معه ابن له شابّ، فقال: إنّ هذا أبي وهو من خير الآباء، وقد يصنع شيئا أخاف عليه منه، قلت: وأيّ شيء يصنع؟ قال: لي بقر تأتيني مساء فأحلبها، ثمّ آتي أبي وهو في الصّلاة، فأحبّ أن يكون عيالي يشربون فضله، ولا أزال قائما عليه والإناء في يدي، وهو مقبل على صلاته فعسى أن لا ينفتل ويقبل عليّ حتّى يطلع الفجر، قلت للشّيخ: ما تقول؟ قال: صدق، وأثنى على ابنه، وقال لي: أخبرك بعذري، إذا دخلت في الصّلاة، فاستفتحت القرآن ذهب بي مذاهب، وشغلني حتّى ما أذكره حتّى أصبح، قال سلامة:

فذكرت أمرهما لعبد الله بن مرزوق، فقال: هذان يدفع بهما عن أهل اليمن، قال وذكرت أمرهما لابن عيينة، فقال: هذان يدفع بهما عن أهل الدّنيا» ) * «٦» .


(١) الوابل الصيب لابن القيم (٣٦) .
(٢) كتاب الزهد للإمام أحمد (١٧٤) .
(٣) المرجع السابق (١٦٨، ١٦٩) .
(٤) الآداب الشرعية لابن مفلح (٢/ ١٦٩) .
(٥) المرجع السابق نفسه (٢/ ١٦٩) .
(٦) كتاب الورع لابن أبي الدنيا (١٠٠) .