للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرتين «١» . وكانت الهجرة الأولي في شهر رجب من سنة خمس من المبعث، وهم أحد عشر رجلا وأربع نسوة خرجوا متسللين سرّا «٢» . حتى انتهوا إلى الشعيبة، منهم الراكب والماشي، ووفق الله تعالى للمسلمين ساعة جاءوا الساحل سفينتين للتجار حملوهم فيهما إلى أرض الحبشة بنصف دينار «٣» .

وقد ثبت من طرق صحيحة «٤» ما ورد عن أم المؤمنين أم سلمة- رضي الله عنها- «٥» وكانت ضمن من هاجر إلى الحبشة في الهجرة الأولي، حيث قالت: «لما ضاقت علينا مكة، وأوذي أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وفتنوا ورأوا ما يصيبهم من البلاء والفتنة في دينهم، وأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يستطيع دفع ذلك عنهم، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في منعة من قومه وعمه لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه، فقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن بأرض الحبشة ملكا لا يظلم أحد عنده، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجا ومخرجا مما أنتم فيه» «٦» . فخرجنا إليها أرسالا حتى اجتمعنا بها، فنزلنا بخير دار إلى خير جار آمنّا على ديننا ولم نخش منه ظلما» «٧» .

وكان عثمان بن عفان أول من خرج مهاجرا ومعه زوجته رقية بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأورد الإمام البخاري حديثا بسند موصول إلى أنس قال: «أبطأ على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خبرهما، فقدمت امرأة فقالت له: لقد رأيتهما وقد حمل عثمان امرأته على حمار، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «صحبهما الله إن عثمان لأول من هاجر بأهله بعد لوط» «٨» .

وقد سرد ابن إسحاق وغيره أسماء مهاجرة الحبشة وهم عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وأبو حذيفة بن عتبة، ومصعب بن عمير، وأبو سلمة بن عبد الأسد، وعثمان بن مظعون، وعامر بن ربيعة، وسهيل بن بيضاء، وأبو سبرة بن أبي رهم العامري، وحاطب بن عمرو العامري. وأما النسوة فهن رقية بنت النبي صلّى الله عليه وسلّم وسهلة بنت سهل امرأة أبي حذيفة، وأم سلمة بنت أبي أمية، امرأة أبي سلمة، وليلى بنت أبي حثمة امرأة عامر بن ربيعة «٩» . وقد عرفت هذه بالهجرة الأولى إلى الحبشة «١٠» .


(١) البخاري- الصحيح (فتح الباري ١٠/ ٤٣- ٤٤ (حديث ٢٢٩٧) ، ابن كثير- البداية والنهاية ٣/ ٧٣.
(٢) البخاري- الصحيح (فتح الباري ٧/ ١٨٧) .
(٣) المرجع السابق ٧/ ١٨٧- ١٨٨، ابن سعد- الطبقات ١/ ٢٠٤.
(٤) البخاري- الصحيح (فتح ٧/ ١٨٩) ، ابن إسحاق- السيرة ص/ ١٩٤، ابن هشام- السيرة ١/ ٣ إإ، وأنظر ابن سعد- الطبقات ١/ ٢٠٤، ابن كثير- البداية والنهاية ٣/ ٧٤.
(٥) ولم تكن قد تزوجها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حينذاك.
(٦) إسناده حسن، ذلك أن رواية يونس بن بكير قد توبعت برواية البكائي، كما أن محمد بن إسحاق بن يسار قد صرح بالتحديث (السيرة ص/ ١٩٤) . وقد أورد البخاري الحديث بتقديم «أحد عنده» وتبديل «فألحقوا» بعبارة «فلو خرجتم إليه حتى يجعل الله» (فتح ٧/ ٢٧٧، حديث ٣٨٧٦) .
(٧) البخاري- الصحيح (فتح ٧/ ١٨٩) ، ابن هشام- السيرة النبوية ١/ ٣٣٤.
(٨) البخاري- الصحيح (فتح ٧/ ٢٢٧ (رقم ٣٨٧٦) وعقب ابن حجر على ذلك بقوله «وبهذا تظهر النكتة في تصدير البخاري الباب بحديث عثمان» وأنظر البيهقي- دلائل النبوة ٢/ ٢٩٧.
(٩) البخاري- الصحيح (فتح الباري ٧/ ٢٢٧- ٨) ، ابن سعد- الطبقات ١/ ٢٠٤، ابن هشام- السيرة ١/ ٤٣٠.
(١٠) البخاري- الصحيح (فتح الباري ٧/ ٢٢٨) ، ابن سعد- الطبقات ١/ ٢٠٤.