للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هل بعد ذلك الخير من شرّ؟ قال: «نعم دعاة على أبواب جهنّم «١» من أجابهم إليها قذفوه فيها» . فقلت:

يا رسول الله صفهم لنا. قال: «نعم. قوم من جلدتنا ويتكلّمون بألسنتنا» . قلت: يا رسول الله؛ فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم» ، فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: «فاعتزل تلك الفرق كلّها. ولو أن تعضّ على أصل شجرة حتّى يدركك الموت، وأنت على ذلك» ) * «٢» .

٤٨-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم «٣» الأنبياء. كلّما هلك نبيّ خلفه نبيّ. وإنّه لا نبيّ بعدي.

وستكون خلفاء فتكثر» قالوا: فما تأمرنا؟ قال: «فوا ببيعة الأوّل فالأوّل «٤» . وأعطوهم حقّهم، فإنّ الله سائلهم عمّا استرعاهم» ) * «٥» .

٤٩-* (عن عبد الله بن عمر عن أبيه- رضي الله عنهما- قال: كانت تحتي امرأة كان عمر يكرهها فقال: طلّقها، فأبيت، فأتى عمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال «أطع أباك» ) * «٦» .

٥٠-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- قال: كنّا لا نأكل من لحوم بدننا فوق ثلاث منى، فرخّص لنا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: «كلوا وتزوّدوا، فأكلنا وتزوّدنا» ) * «٧» .

٥١-* (عن عمر بن أبي سلمة- رضي الله عنه- قال: كنت غلاما في حجر رسول الله «٨» صلّى الله عليه وسلّم وكانت يدي تطيش في الصّحفة «٩» . فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يا غلام، سمّ الله، وكل بيمينك، وكل ممّا يليك» فما زالت تلك طعمتي «١٠» بعد) * «١١» .

٥٢-* (عن عبد الله بن أبي أوفى- رضي الله عنهما- قال: لمّا قدم معاذ من الشّام سجد للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما هذا يا معاذ؟» قال: أتيت الشّام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم. فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «فلا تفعلوا.

فإنّي لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. والّذي نفس محمّد


(١) دعاة على أبواب جهنم: قال العلماء: هؤلاء من كان من الأمراء يدعو إلى بدعة أو ضلال آخر. كالخوارج والقرامطة وأصحاب المحنة. وفي حديث حذيفة هذا، لزوم جماعة المسلمين وإمامهم، ووجوب طاعته، وإن فسق وعمل المعاصي من أخذ الأموال، وغير ذلك، فتجب طاعته في غير معصية، وفيه معجزات لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهي هذه الأمور التي أخبر بها وقد وقعت كلها.
(٢) البخارى ٦ (٣٦٠٦) ، ومسلم (١٨٤٧) واللفظ له.
(٣) تسوسهم الأنبياء: أي يتولون أمورهم كما تفعل الأمراء والولاة بالرعية.
(٤) فوا ببيعة الأول فالأول: أي إذا بويع لخليفة بعد خليفة، فبيعة الأول صحيحة يجب الوفاء بها، وبيعة الثاني باطلة يحرم الوفاء بها ويحرم عليه طلبها.
(٥) البخاري- الفتح ٦ (٣٤٥٥) . ومسلم ١٨٤٢ واللفظ له.
(٦) أحمد فى المسند (٤٧١١) واللفظ له (٥٠١١) . وأبو داود (١٥٣٨) ، والترمذى (١٢٠١) وقال: حديث حسن صحيح. وقال محقق «جامع الأصول» (١/ ٤٠٤) : إسناده حسن.
(٧) البخاري- الفتح ٣ (١٧١٩) واللفظ له. ومسلم (١٩٧٢) .
(٨) في حجر رسول الله: أي في تربيته وتحت رعايته.
(٩) تطيش في الصحفة: أي تتحرك وتميل إلى نواحي القصعة.
(١٠) طعمتي- بكسر الطاء- أي صفة أكلي.
(١١) البخاري- الفتح ٩ (٥٣٧٦) واللفظ له. ومسلم (٢٠٢٢) .