للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ترى؟ فأخبره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خبر ما رأى. فقال له ورقة: هذا النّاموس الّذي نزّل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا «١» ، ليتني أكون حيّا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أو مخرجيّ هم؟» ، قال: نعم، لم يأت رجل قطّ بمثل ما جئت به إلّا عودي، وإن يدركني يومك، أنصرك نصرا مؤزّرا. ثمّ لم ينشب «٢» ورقة أن توفّي، وفتر الوحي) * «٣» .

١٦-* (عن سلمة بن الأكوع- رضي الله عنه- قال: قدمنا الحديبية مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ونحن أربع عشرة مائة ... الحديث، وفيه: ثمّ إنّ المشركين راسلونا الصّلح. حتّى مشى بعضنا في بعض.

واصطلحنا. قال: وكنت تبيعا لطلحة بن عبيد الله.

أسقي فرسه، وأحسّه وأخدمه. وآكل من طعامه.

وتركت أهلي ومالي، مهاجرا إلى الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم.

قال فلمّا اصطلحنا نحن وأهل مكّة، واختلط بعضنا ببعض، أتيت شجرة فكسحت شوكها فاضطجعت في أصلها. قال: فأتاني أربعة من المشركين من أهل مكّة. فجعلوا يقعون في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فأبغضتهم.

فتحوّلت إلى شجرة أخرى. وعلّقوا سلاحهم واضطجعوا. فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من أسفل الوادي: يا للمهاجرين! قتل ابن زنيم. قال:

فاخترطت سيفي «٤» ثمّ شددت على أولئك الأربعة وهم رقود. فأخذت سلاحهم. فجعلته ضغثا «٥» في يدي. قال: ثمّ قلت: والّذي كرّم وجه محمّد، لا يرفع أحد منكم رأسه إلّا ضربت الّذي فيه عيناه. قال: ثمّ جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال: وجاء عمّي عامر برجل من العبلات «٦» يقال له مكرز.

يقوده إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. على فرس مجفّف «٧» في سبعين من المشركين. فنظر إليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «دعوهم يكن لهم بدء الفجور وثناه «٨» » . فعفا عنهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وأنزل الله: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ (الفتح/ ٢٤) الاية كلّها. قال: ثمّ خرجنا راجعين إلى المدينة فنزلنا منزلا. بيننا وبين بني لحيان جبل. وهم المشركون. فاستغفر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمن رقي هذا الجبل اللّيلة. كأنّه طليعة للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه. قال سلمة: فرقيت تلك اللّيلة مرّتين أو ثلاثا. ثمّ قدمنا المدينة. فبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم


(١) يا ليتني فيها جذعا: أي شابّا قويّا حتى أتمكن من نصرك، والجذع: الصغير من البهائم. ونصب «جذع» على أنه خبر كان المقدرة، وقيل: النصب على الحال و «فيها خبر ليت» ، ورواية الأصيلي «يا ليتني فيها جذع» بالرفع خبر ليت وعليه فلا إشكال.
(٢) لم ينشب: أي لم يلبث.
(٣) البخاري- الفتح ١ (٣) .
(٤) فاخترطت سيفي: أي سللته.
(٥) ضغثا: الضغث الحزمة. يريد أنه أخذ سلاحهم وجمع بعضه إلى بعض حتى جعله فى يده حزمة.
(٦) العبلات: العبلات من قريش، هم أمية الصغرى. والنسبة اليهم عبلي. ترده الى الواحد.
(٧) مجفف: أي عليه تجفاف. وهو ثوب كالجل يلبسه الفرس ليقيه السلاح. وجمعه تجافيف.
(٨) يكن لهم بدء الفجور وثناه: البدء هو الابتداء. وأما ثناه فمعناه عودة ثانية. قال في النهاية: أي أوله وآخره والثني الأمر يعاد مرتين.