للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إزاري «١» ، ثمّ انطلقت على إثره. حتّى جاء البقيع فقام، فأطال القيام، ثمّ رفع يديه ثلاث مرّات. ثمّ انحرف فانحرفت. فأسرع فأسرعت. فهرول فهرولت. فأحضر فأحضرت «٢» . فسبقته فدخلت. فليس إلّا أن اضطجعت فدخل. فقال: «مالك؟ يا عائش، حشيا رابية «٣» » . قالت: قلت: لا شيء. قال: «لتخبريني أو ليخبرنّي اللّطيف الخبير» . قالت: قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمّي! فأخبرته. قال: «فأنت السّواد الّذي رأيت أمامي؟» . قلت: نعم. فلهدني «٤» في صدري لهدة أوجعتني. ثمّ قال: «أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟» . قالت: مهما يكتم النّاس يعلمه الله. قال: «نعم» . قال: «فإنّ جبريل أتاني حين رأيت.

فناداني. فأخفاه منك. فأجبته. فأخفيته منك. ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك. وظننت أن قد رقدت. فكرهت أن أوقظك. وخشيت أن تستوحشي.

فقال: إنّ ربّك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم» .. قالت: قلت: كيف أقول لهم؟ يا رسول الله! قال: «قولي: السّلام على أهل الدّيار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منّا والمستأخرين، وإنّا إن شاء الله بكم للاحقون» ) * «٥»

١٦-* (عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: نزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منزلا فانطلق إنسان إلى غيضة «٦» فأخرج منها بيض حمّرة فجاءت الحمّرة ترفّ على رأس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورؤوس أصحابه.

فقال: «أيّكم فجع هذه؟» ، فقال رجل من القوم: أنا أصبت لها بيضا، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «اردده» ) * «٧» .

١٧-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:

لمّا أنزلت هذه الاية وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (الشعراء/ ٢١٤) دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قريشا فاجتمعوا، فعمّ وخصّ فقال: «يا بني كعب بن لؤيّ! أنقذوا أنفسكم من النّار، يا بني مرّة بن كعب! أنقذوا أنفسكم من النّار، يا بني عبد شمس! أنقذوا أنفسكم من النّار، يا بني عبد مناف! أنقذوا أنفسكم من النّار، يا بني هاشم! أنقذوا أنفسكم من النّار، يا بني عبد المطّلب! أنقذوا أنفسكم من النّار، يا فاطمة! أنقذي نفسك من النّار، فإنّي لا أملك لكم من الله شيئا غير أنّ لكم رحما سأبلّها ببلالها» «٨» ) * «٩» .

١٨-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّما مثلي ومثل أمّتي، كمثل رجل استوقد نارا، فجعلت الدّوابّ والفراش يقعن


(١) تقنعت إزاري: لبست إزاري.
(٢) فأحضرت: فأسرعت.
(٣) مالك يا عائش حشيا رابية: يعني وقع عليك الحشا وهو الربو والتهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه والمحتد في كلامه من ارتفاع النفس وتواتره.
(٤) فلهدني: دفعني.
(٥) مسلم (٩٧٤) .
(٦) الغيضة: الشجر الملتف.
(٧) مسند أحمد (١/ ٤٠٤) برقم (٣٨٣٤) واللفظ له، وأبو داود (٥٢٦٨) .
(٨) ومعنى الحديث: سأصلها شبهت قطيعة الرحم بالحرارة ووصلها بإطفاء الحرارة ببرودة ومنه بلوا أرحامكم أي صلوها.
(٩) مسلم (٢٠٤) .